استنفرت لجنة الخمسين المكلفة تعديل الدستور في مصر لحل الأزمة المحتدمة بين حزب «النور» السلفي وممثلي الكنائس الثلاث في شأن نص تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية التي يستند إليها التشريع، إذ تتمسك الكنائس بتفسير المحكمة الدستورية العليا للعبارة، فيما يريد حزب «النور» توسيع التعريف ليشمل «اجتهادات». وأمهل رئيس اللجنة عمرو موسى ممثلي الأزهر والكنيسة وحزب «النور» السلفي حتى مساء أمس للوصول إلى صيغة توافقية لتفسير مبادئ الشريعة في ديباجة الدستور الذي يفترض أن يبدأ الاقتراع الداخلي عليه الأحد المقبل، بعدما لوح «النور» بالانسحاب في حال لم يتم تبني تفسيره المقترح، وهو ما رفضه ممثلو الكنائس الثلاث ملوحين بالانسحاب، فشكّل موسى لجنة مصغرة لصياغة تفسير توافقي يقبل به الأزهر و «النور» وممثلو الكنائس، منبهاً إلى أنه في حال عدم توافق الأطراف الثلاثة سيبدأ التصويت على اقتراحات الأعضاء. وكشف مقرر لجنة نظام الحكم عمرو الشوبكي أنه اقترح نصاً توافقياً لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية في الديباجة وهو أن «مبادئ الشريعة هي أحكام قطعية الدلالة والاجتهاد بقواعده وفقاً لما جاء في أحكام المحكمة الدستورية العليا»، لافتاً إلى أن ممثلي الكنائس وحزب «النور» اعترضوا عليه. وقال المستشار القانوني لشيخ الأزهر عضو اللجنة محمد عبدالسلام إن «الأزهر يريد توضيح مبادئ الشريعة في الديباجة، وهذا لا يختلف عن أحكام المحكمة الدستورية العليا»، لافتاً إلى أنه «في حال التوافق لا بد من أن يكون النص منضبطاً وشرعياً من دون أن ينتقص من الكلمة، وإلا سيكون للأزهر موقف آخر». وكانت لجنة الخمسين واصلت أمس جلساتها للبحث في التوصل إلى توافق في شأن المواد التي لم تنته منها حتى الآن، بحضور أعضائها الذين أعلنوا تعليق عضويتهم أول من أمس احتجاجاً على أحداث الشورى وأصدروا بياناً دانوا فيه فض قوات الأمن تظاهرتين بالقوة واعتقال ناشطين، وطالبوا بسحب قانون التظاهر. وحذر رئيس حزب «النور» يونس مخيون من أن الصراعات داخل اللجنة «تهدد بإفشال خريطة الطريق». وقال عبر صفحته على موقع «فايسبوك» إن «لجنة الخمسين هي لجنة تعبر عن النخبة، ولم يشارك الشعب المصري في اختيارها بأي صورة من الصور، ولذلك فهي في حال غياب كامل وانفصال تام عن الواقع، وأعتقد أن لجنة الخمسين بتكوينها ووضعها الحاليين ستؤدي إلى عرقلة بل ربما إفشال المرحلة الانتقالية برمتها، لأن الاستفتاء على هذا الدستور هو الخطوة الأولى على الطريق، وأخشى أن نفشل في إتمام هذه الخطوة بسبب هذه اللجنة». إلى ذلك، أمر النائب العام هشام بركات بإحالة وزير الشباب السابق القيادي في «الإخوان» أسامة ياسين ورئيس اللجنة التشريعية في البرلمان المنحل محمود الخضيري ومقدم البرامج في قناة «الجزيرة» القطرية أحمد منصور والقياديين في «الإخوان» محمد البلتاجي وصفوت حجازي والنواب السابقين عمرو زكي وحازم فاروق ومحسن راضي على محكمة جنايات القاهرة لاتهامهم ب «القبض على أحد المواطنين واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر شركة سياحة» للاشتباه بمشاركته في «موقعة الجمل» التي اعتدى خلالها مؤيدون للرئيس المخلوع حسني مبارك على متظاهرين خلال ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. وقرر النائب العام إحالة المتهمين محبوسين على محاكمة جنائية عاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة، مع ضبط وإحضار أحمد منصور وحبسه احتياطياً على ذمة القضية، وإرسال طلب إلى قطر لتسليمه إلى السلطات المصرية لمحاكمته. في سياق متصل، طلب قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة محمد شيرين فهمي إلى مجلس القضاء الأعلى إحالة قاضيين على مجلس الصلاحية، وهما رئيسا محكمة استئناف القاهرة أحمد يحيى إسماعيل وأيمن أحمد الورداني، لاتهامهما «باعتلاء منصة المعتصمين في منطقة رابعة العدوية في مدينة نصر، مؤيدين لتنظيم الإخوان والرئيس السابق محمد مرسي ومهاجمين ثورة الشعب المصري في 30 يونيو، وواصفين تلك الثورة بالانقلاب العسكري».