يأخذ قطاع التسويق في المنطقة العربية منحنىً جديداً يتماشى مع المعطيات التي فرضها نمو استخدام الأجهزة الذكية وتوسع جمهور مواقع التَواصُل الاجتماعي عربياً. ولدى كثير من صُناع القرار في الشركات، يتنامى الاعتقاد بأهمية مواقع التَواصُل الاجتماعي والمُدونين الإلكترونيين، خصوصاً الأشخاص الذين يُشار إليهم حاضراً باسم «المؤثرين». ويوصف هؤلاء المؤثرون بأنهم مُدونون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وال «بلوغات» الرقمية، لكن لديهم عدداً كبيراً ممن يتابِعونهم. ويُنظَر إلى هؤلاء بأنهم يملكون القدرة على اقناع متابعيهم باقتناء منتج ما أو تجربته، بمجرد تدوينهم أنهم جربوه وأن تجربتهم معه كانت إيجابية. وكذلك يملك هؤلاء المؤثرون القدرة على إقناع جمهور واسع، عندما يضعون صوراً لمنتجات معينة أو يكتبون تعليقاتٍ إيجابية عنها. لم تعد حكراً على النخبة ليست فكرة المؤثرين جديدة في عالم التسويق الالكتروني، إذ يُروج عددٌ من المشاهير أفكاراً ومنتجات من طريق تدويناتهم على «بلوغ» إلكتروني، أو عبر صفحات مواقع التَواصُل الاجتماعي، ما يجعلهم أداة تسويق فعالة وسريعة وقابلة للقياس، وهي أشياء يحتاجها المُسوق المُحتَرِف. في المنطقة العربية، لم تعد ظاهرة المؤثرين منحصرة بمشاهير المطربين والممثلين، بل صارت تشمل مجموعة من الأفراد الذين لديهم تَواصُل مع الجمهور الإلكتروني كالصحافيين والمصورين ومصممي الأزياء ومذيعي البرامج وغيرهم، إذ يستخدم هؤلاء تدويناتهم وتغريداتهم لتحقيق أهداف خاصة. وكذلك يعمل بعض المؤثرين لزيادة ترويج أنفسهم عبر بناء علاقات مع شركات التسويق والعلاقات العامة. وهناك مشكلة تكمن في ان متابعيهم في مواقع التَواصُل الاجتماعي ليسوا على علم أو دراية بخلفية فكرة الترويج، ما يجعلهم عرضة للغش والخداع من قبل شريحة تدعي أنها توثر إيجابياً على المجتمع. وثمة مشكلة أكثر أهمية تكمن في أن من يروج لمجموعة من هؤلاء المؤثرين، إنما يساهم في تعظيم فعاليتهم من دون الاعتماد على أي أداة قياس حيادية. ثمة أسئلة كثيرة يجدر بشركات الاعلان عبر الانترنت التفكير فيها في شأن ظاهرة المؤثرين. ما مدى أهمية هذا المُدون أو الموثر فعلياً؟ هل عدد متابعيه صحيح؟ هل أن مُتابعيه على تَواصُل وتفاعل دائم، أم أنهم رقمٌ يستخدمه لأغراض شخصية؟ ويساعد التفكير في هذه الأسئلة وما يشبهها، في زيادة صدقية التسويق. وحاضراً، تكتظ الانترنت بمواقع صحافية عربية موثوقة وذات تاريخ حافل بالصدقية، فلم لا تؤخَذ في الاعتبار، وتدعم من قبل شركات التسويق الإلكتروني، عوضاً عن اللهاث خلف ظاهرة غير مستقرة ك «المؤثرين»؟