أسدل الستار على مهرجان «ليالي الطرب في قدس العرب» بحفلة للفنانة الفلسطينية سناء موسى قدمت فيها مجموعة من أغاني التراث الفلسطيني على خشبة مسرح كلية هند الحسيني في القدس. ونظم «معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى» المهرجان للسنة الخامسة على التوالي في مدن القدس ورام الله وبيت لحم ونابلس والخليل بمشاركة مجموعة من فناني الفرق الفنية الفلسطينية. وأفاد المعهد بأن «المهرجان تظاهرة فنية وثقافية تهدف إلى نشر الموسيقى كجزء من مشروع الحفاظ على الهوية الفلسطينية بمكوناتها المختلفة». وتركز إدارة المهرجان على أن تكون معظم عروضه في مدينة القدس من باب سعيها الحثيث والمتواصل لتثبيت الهوية العربية الفلسطينية للمدينة. ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بمحاولة تهويد المدينة وعزلها عن محيطها الفلسطيني من خلال بناء جدار إسمنتي حولها جعل الدخول إليها يقتصر على بوابات حديدية ضخمة يحتاج الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إلى تصاريح خاصة لدخولها. وعادت موسى بجمهور المهرجان إلى السنين التي كانت تشدو فيها بأغانيها الخاصة للمجتمع الفلسطيني في كل مناسبة. وترى موسى التي استطاعت خلال السنوات العشر الماضية جمع مجموعة كبيرة من هذه الأغاني «أن الفن رسالة قد يستمع الناس إليها أكثر مما يقوله السياسيون. نسعى من خلال غنائنا إلى دعم صمود أهل القدس بعيداً عن الشعارات الرنانة». وتضيف موسى التي بدأت للتو مشواراً جديداً في حياتها من خلال عملها في مركز بحث علمي في شركة أدوية بعد حصولها على شهادة الدكتواره في أمراض الدماغ: «مدينة القدس بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والدعم من قبل الجهات الرسمية الفلسطينية». وتستعد الفنانة القادمة من قرية دير الأسد في الجليل لإنتاج ألبومها الثاني «هاجس» الذي سيضم، إضافة إلى مجموعة من أغاني التراث، عدداً من الأغاني الخاصة بها. وكان الجمهور خلال الأمسية يردد مع موسى التي ترافقها فرقتها الموسيقية بقيادة شقيقها الموسيقي محمد العديد كلمات أغاني التراث الفلسطيني. روت موسى للجمهور قصة أغنية «سفر برلك» التي تعلمتها من جدتها وقالت: «خلال فترة التجنيد في العهد العثماني كان شباب فلسطين يؤخذون إلى حرب لا يعرفون أسبابها وأهدافها. كثير من البيوت عندما كانت تودع أبناءها تعرف أنهم لن يعودوا إليها». وتقول بعض كلمات هذه الأغنية: «هيّ يمّا ودعيني قبل ممشي ما تدري بعثراتي وأنا امشي يا قايد (قائد) المراكب قيد وامشي عسى الله نلحق ظعن الحباب ... ما صبر صبري لا يوسف ولا نوح ولا أيوب لما انو ابتلى». وتضيف: «زعق طير الحمام وقال هني ما غير حوالي غير هني يا رب يجمعني أنا وهني يا جماع غيمك بالسما». وتكفل الملحن وعازف العود محمد موسى شقيق الفنانة وقائد فرقتها الموسيقية بإعادة توزيع ألحان أغاني التراث الفلسطيني لتناسب مع الآلات الموسيقية المختلفة. ويقول: «نسعى دائماً للبحث عن اللحن الأصلي لأغاني التراث ونحاول الاستماع من الناس إلى كيفية تأدية هذه الأغاني، هناك جمهور واسع يريد الاستماع إلى أغاني التراث الفلسطيني وكنت ترى تفاعل الجمهور مع هذه الأغاني». وأبدى جمهور المهرجان سعادته بإحياء أمسيات ثقافية من التراث الفلسطيني في القدس. وتقول رنا بشارة الفنانة التشكيلية الفلسطينية بعد حضورها الأمسية: «مهم كثيراً أن يكون عنا (عندنا) مهرجانات ثقافية في القدس، هذا المهرجان مهم لأنه، على رغم الحواجز والجدران، نثبت وجودنا في مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين وكي تبقى الثقافة حية فيها وتعود كما كانت في السابق منارة للثقافة والفن».