لم تكن تطمينات الحكومة التركية الأخيرة بعدم السماح بتصدير أي برميل نفط منتج داخل إقليم كردستان من دون علم الحكومة العراقية، كافية لتبديد مخاوف مسؤولي بغداد، الذين اتهموا رئيس حكومة الإقليم مسعود بارزاني بالسعي إلى الالتفاف على الدستور والانفراد بعائدات تصدير نفط الإقليم، بالتزامن مع الاستعداد لتدشين خط الأنابيب إلى «جيهان» والمنفصل عن الخط الرئيس. وسبق للعضو الكردي في مجلس النواب العراقي، محمود عثمان، أن أشار إلى اقتراح تركي - أميركي - عراقي لتوزيع عائدات نفط الإقليم «يتضمن جمع واردات النفط المصدر من إقليم كردستان وبقية مناطق العراق، عن طريق ميناء جيهان التركي بمصرف في تركيا، وتُوزّع العائدات لاحقاً ما بين الإقليم والمركز». وأضاف: «تركيا تريد أن تستفيد من الطرفين وتسعى إلى خلق مشاكل بينهما»، منتقداً في الوقت ذاته حكومتي المركز والإقليم لعدم توصلهما إلى حلول للمشاكل بينهما، ما ساهم في التدخل التركي. وتابع: «سياسة تركيا تجاه المركز والإقليم سيئة لأنها تتعامل مع المركز بأسلوب يختلف عن الإقليم». بدورها، لم تنف عضو البرلمان والقيادية في التحالف الكردستاني نجيبة نجيب، صحة المعلومات عن اتفاقات بين حكومة الإقليم وحكومة تركيا والشركات النفطية العاملة في حقول الإقليم. لكنها شددت على أن حكومة الإقليم لا تنوي الانفراد بعائدات النفط، مؤكدة أن الإقليم كان وسيبقى راعياً لبنود الدستور العراقي الذي نص على أن النفط هو ثروة يملكها الشعب العراقي، ما يعني أن العائدات ستكون من نصيب الخزينة المركزية حصراً. وأشارت في تصريح إلى «الحياة»، إلى أن الجميع متفق على حساسية ملف النفط في العراق كونه يشكل 95 في المئة من عائدات البلد، لكن الدستور العراقي ذكر هذا الملف في الفقرتين 111 و112، ومشدداً على ملكية الشعب لثرواته، وحق الحكومة المركزية في تصديره. ولفتت إلى أن الدستور فيديرالي وليس مركزياً، وقالت: «أنيطت صلاحيات كثيرة بالأقاليم والمحافظات وبالتالي فإن إبرام عقود مع شركات نفطية ليس خرقاً للدستور». مسودة قانون النفط ولفتت نجيب إلى أن المسودة الأخيرة لقانون النفط والغاز التي اتفق عليها الجميع، نصت في أولى فقراتها على أن عدم إقراره خلال عام واحد يعني إعطاء صلاحيات لإدارة الإقليم والمحافظات بإدارة الحقول والتصدير، وقالت: «هذا ما نستند إليه الآن، وليس من حق بغداد محاسبتنا على إي إجراء». وفي شأن مستحقات الشركات النفطية الأجنبية العاملة في الإقليم والبالغة 4.2 بليون دولار، أكدت أنها مستحقات ملزمة الدفع من قبل حكومة بغداد التي أقرت بها رسمياً عن طريق تضمين موازنة 2013 فقرة بتسديد هذه المستحقات، لكنها تنصلت من تنفيذ القانون على رغم الفارق مع المستحقات، وقالت: «لحل الإشكال يجب تشريع قانون النفط الجديد». إلى ذلك، قال المستشار النفطي الحكومي حمزة ألجواهري: «الحكومة المركزية لا يمكن أن تكون طرفاً في أي اتفاق بين الإقليم وحكومة تركيا،» لكنه رأى أن ذلك يمكن أن يحصل في مجيء حكومة ضعيفة تُجبر على إبرام صفقة مقابل هذا الاتفاق غير الدستوري لتصدير النفط من الإقليم مباشرة إلى تركيا. وأوضح أن هناك نزعة قديمة لدى الكرد لفصل البنية التحتية النفطية واستقلالية التصدير، واستبعد إمكان تطبيق ما يُحكى عن اتفاق أميركي - تركي - عراقي لتقسيم عائدات نفط الإقليم، معتبراً أن ذلك يمس بالسيادة ويخالف الدستور، وقال: «أنقرة أعلنت رسمياً أنها غير مستعدة لتصدير نفط بعيداً من عيون حكومة بغداد». كما استبعد الجواهري انتهاء مشروع مد أنبوب كردستان - جيهان قريباً، لافتاً إلى أن هذا المشروع يحتاج لتمويل يبلغ 10 بلايين دولار وهذا ما لا تستطيع حكومة الإقليم تأمينه ولا الشركات الأجنبية التي تعرف مسبقاً عدم موافقة الحكومة العراقية عليه، كما أن المشروع يمر قرب الحدود السورية غير الآمنة حالياً. ويُنتظر أن يبدأ إقليم كردستان بضخ النفط إلى الأسواق العالمية عبر تركيا من خلال خط أنابيب جديد. وأوضح أن مجمل العقود بين الإقليم والشركات يبلغ أكثر من 50 عقداً، عدد المفعّل منها أقل من خمسة، وحتى هذا التفعيل أمامه عقبة المستحقات وأعمال الشركات المتأخرة والعمل من دون ضمانات، وهناك ساسة أتراك لديهم حصص في هذه المستحقات، معتبراً أن هذه العقود ستبقى مجرد محاولات ورهانات قد تجدي نفعاً مستقبلاً في حال تبدل حكومة بغداد. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لكردستان نحو 350 ألف برميل يومياً ويتوقع أن ترتفع إلى 400 ألف نهاية هذه السنة، لتصل إلى مليون برميل يومياً في 2015 ومليونين في 2019.