في أيار (مايو) 2012 ذهب رئيس بلدية باريس برتران دولانويه بصحبة نخبة من أعضاء مجلس إدارة هيئة النقل العام الباريسية، إلى حفلة إفتتاح محطة باص من نوع جديد اسمها «غار دي ليون ديديرو»، وُصفت بأنها مستقبلية ولقبت بكلمة «أوسموز» أي «تفاعل»، واقعة في مواجهة محطة «ليون» للقطارات التي يغادر منها ويصل إليها ما لا يقل عن 14 مليون مسافر سنوياً. وبما أن العديد من هؤلاء يلجأون إلى الباص بهدف الإنتقال إلى هذه المحطة ومنها مع ما قد يرافق ذلك من حمل حقائب ثقيلة، رأت الهيئة المعنية ضرورة تسهيل المهمة على المسافرين من طريق ابتكار محطة باص مجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية وبأخرى ترفيهية، وتوفير عنصر الراحة لكل من يتحتم عليه انتظار قدوم الباص في هذا المكان بالتحديد. وهكذا تميزت المحطة أولاً بحجمها الضخم حتى تتسع لأكبر عدد ممكن من المسافرين، غير الشاشات الإلكترونية المعلنة عن المواعيد الرسمية لخطوط الباصات التي تمر عبرها، ثم الخرائط المفصلة للحي بأكمله بشوارعه وصيدلياته ومتاجره الأساسية، وأيضاً الآلات التي تسمح باقتناء التذاكر لركوب الباص، وأجهزة الكومبيوتر التي يتسنى من خلالها استخدام شبكة الإنترنت وألعاب الفيديو لتسلية الصغار، ومكتبة حقيقية مزودة كتباً حديثة وكلاسيكية من كل الأنواع، ومحطة دراجات. وهناك قاعة كبيرة تحمي من المطر والبرد، تضم مقاعد مريحة وتسهيلات للمسنين والمعوقين. وقد تباهى دولانويه بالطابع المستقبلي للمحطة مؤكداً كونها الأولى من نوعها، وواعداً بنشر هذا النموذج بسرعة البرق بخاصة إذا أثبتت التجربة فعاليتها، الأمر الذي لم يشك فيه الحضور الرسمي في اليوم المعني. والآن بعد مرور سنة ونصف السنة على الحدث، تحولت المحطة إلى مأوى للمتشردين الذين باتوا ينامون تحت سقفها ليلاً ولا يغادرونها نهاراً. وإذا فعلوا فهم يتركون فوق مقاعدها لوازمهم. ولم يعد المكان يجذب المسافرين بل صار يخيفهم إلى حد ما دافعاً بهم إلى انتظار الباص خارجه بخاصة بسبب قلة نظافته. كما أن معدات المحطة الإلكترونية لم تعد تعمل، والكتب اختفت أسوة بالدراجات، بمعنى أن الوضع تدهور كلياً دافعاً بإدارة هيئة النقل العام إلى منح الملف لشركة متخصصة بدأت تحقق في أسباب هذا الفشل قبل أن تقترح حلولاً بهدف إعادة المحطة إلى ما كانت عليه في الأساس مع تقليص إحتمالات التدهور مرة ثانية.