انتهز الغرب قمة مجموعة العشرين التي اختُتمت أمس في مدينة بريزبن الأسترالية، لتصعيد ضغوطه على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مسألة الأزمة الأوكرانية، إذ لوّح بتشديد العقوبات والعزلة الاقتصادية، ما دفع سيد الكرملين إلى المغادرة باكراً. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما: «نفضل روسيا مرتبطة في شكل كامل بالاقتصاد الدولي، لكننا متمسكون بضرورة الالتزام بالمبادئ الدولية الأساسية، بينها ألا تغزو دولة دولة أخرى أو تموّل وكلاء أو تساندهم بوسائل تؤدي إلى تفكّك دولة لديها آليات للانتخابات الديموقراطية». وأضاف: «تحقّق العقوبات التي فرضناها نتائج جيدة. نحتفظ بالقدرة وتبحث فرقنا باستمرار آليات ممارسة مزيد من الضغوط إذا دعت الضرورة». وزاد في إشارة إلى بوتين: «إذا تابع انتهاك القانون الدولي وانتهاك الاتفاق الذي تعهد الالتزام به قبل أسابيع (اتفاق وقف النار المبرم في مينسك)، فإن العزلة التي تواجهها روسيا الآن ستستمر». وأصدر أوباما ورئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت ونظيره الياباني شينزو آبي بياناً مشتركاً بعد اجتماع ثلاثي، أفاد ب «تصميم على معارضة ضم روسيا المزعوم لشبه جزيرة القرم، وتحركاتها لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا». وطالبت الدول الثلاث «بمحاكمة المسؤولين عن إسقاط» طائرة الركاب الماليزية التي تحطمت في شرق أوكرانيا في تموز (يوليو) الماضي، ما أدى إلى مقتل ركابها ال 298. واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون أن القمة «وجهت رسالة واضحة جداً نقلتها دول الاتحاد الأوروبي وأميركا إلى روسيا، حول الطريقة التي سنعالج فيها (الأزمة الأوكرانية) في الأشهر والسنوات المقبلة». وأضاف أن بوتين «يمكنه أن يرى أنه يقف عند مفترق طرق، وإذا تابع زعزعة استقرار أوكرانيا، سيكون هناك مزيد من العقوبات ومزيد من التدابير. هناك ثمن للعقوبات، لكن سيكون هناك ثمن أكبر بكثير للسماح بصراع مجمّد في أوروبا». أما المستشارة الألمانية أنغيلا مركل فلفتت إلى «أهمية انتهاز كل فرصة للتحاور»، مشيرة إلى «تقارب في وجهات النظر بين الأوروبيين حول أوكرانياوروسيا». وأعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انه يريد أن يكون «في خدمة تسوية النزاع، لا مفاقمته»، مضيفاً: «إذا لم تكن هناك مبادرات وإشارات، ستنظر فرنسا في اتخاذ قرارات جديدة، لكنها لا تنوي فعل ذلك الآن». وأكد انه سيتخذ قراراً في شأن تسليم روسيا سفينتين حربيتين من طراز «ميسترال»، «بعيداً من كل ضغط أياً يكن مصدره، ووفق معيارين هما مصالح فرنسا وتقديري للوضع». وأفاد مقربون من الرئيس الفرنسي بأن هولاند وبوتين تحدثا «اكثر من ساعة» على هامش القمة، من دون أن يتلفظا بكلمة «ميسترال»، علماً أن وكالة «ريا نوفوستي» الروسية كانت نقلت عن مصدر بارز إن موسكو أمهلت باريس حتى آخر الشهر لتسليمها أول سفينة، وإلا ستواجه طلبات تعويض «جدية». وأبدى بوتين «ارتياحاً لنتائج» القمة، مشيداً ب «الأجواء البنّاءة» التي سادتها، وتابع: «أعتقد بأننا نجحنا في التفاهم في شكل افضل مع زملائنا، وفي فهم دوافع روسيا». وتحدث عن «آفاق لتسوية الوضع» في أوكرانيا، معتبراً أن قرار كييف قطع التمويل عن الشرق الانفصالي هو «خطأ كبير». لكن الرئيس الروسي لم يشارك في غداء عمل خلال قمة مجموعة العشرين، وغادر بريزبن قبل نشر البيان الختامي، معللاً ذلك بطول الرحلة وحاجته إلى النوم. في غضون ذلك، أعلنت الحكومة الألمانية أمس، طرد ديبلوماسية ألمانية تعمل في سفارة بلادها في موسكو، بعد وقت وجيز على طرد ديبلوماسي روسي يعمل في مدينة بون الألمانية.