أعلنت الهيئة الإدارية للدورة السادسة عشرة لأيام قرطاج المسرحية التي يرأسها وحيد السعفي، قائمة العروض المشاركة في هذا المهرجان المسرحيّ الكبير، الذي يبدأ الجمعة 22 الجاري، وقد تضمنت قائمة العروض التونسية عشرين مسرحية محترفة، ومنها «كلام الليل» إخراج توفيق الجبالي، «سكاكين في الدجاج» إخراج رجاء بن عمّار ومنصف الصايم، «غيلان» لعزّ الدين قنون ، «حدّث محمود المسعدي قال» إخراج كمال اليعلاوي، «الرهيب» إخراج منير العرقي، «الاستعراض» إخراج حمّادي المزّي. وتضمّنت القائمة عروضاً للهواة، وخمسة عروض مسرحية من قسم المسرح المختبر. أما قائمة العروض العربية فتضمّنت أربعة عشر عرضاً، منها: «حارس النبوءة» - الأردن إخراج فراس المصري، «افتراض ما حدث فعلاً» - الجزائر، إخراج لطفي بن سبع، «رحلة رضا» - فلسطين إخراج محمد عيد، «البوشية» - الكويت إخراج عبدالله العابر، «القفص» - ليبيا إخراج عمر هندر، «دموع بالكحول ديالي» - المغرب إخراج نعيمة زيطان، «ليل الجنوب» - مصر إخراج ناصر عبدالمنعم و «ماكبث» إخراج أشرف سند، «زازات» - السعودية إخراج عبدالله عقيل، «التغريبة السبئية» - اليمن إخراج نبهان الشامي، «العرس الوحشيّ» - عمان و «ليلي داخلي» - سورية إخراج سامر إسماعيل. ويتضمّن البرنامج عروضاً أفريقيّة من غينيا والكونغو والنيجر، وعروضاً أخرى أوروبية من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا وروسيا. أمّا عرض الافتتاح فسيكون «تسونامي» من إخراج الفاضل الجعايبي وهذا العمل الذي شغل الجمهور التونسي خلال السنتين السابقتين يصوّر، بقوّة واقتدار كبيرين، العاصفة السياسيّة التي هبّت على تونس وزلزلت كلّ ثوابتها القديمة مسلطاً الضوء على مجتمع مثخن بالجراح، منقسم على نفسه، تشقّه صراعات عميقة حوّلته إلى كتلتين متقابلتين متدافعتين: ليبراليّة من ناحية و «إخوانية» من ناحية أخرى. ما الذي حدث لهذا المجتمع حتّى انكسر إلى نصفين؟ كيف تحوّلت الثورة إلى صراع محتدم بين رؤيتين للعالم والأشياء؟ وما هي ملامح المستقبل في ظلّ هذه الصراعات القائمة؟ تلك هي الأسئلة التي تثيرها هذه المسرحية متوسّلة أساليب فنيّة وجماليّة متطوّرة... وباهرة. أمّا عرض الاختتام فسيكون «نوارة الملح» للمخرج علي اليحياوي، وهذا العرض مقتبس من أحد أعمال الكاتب غابريال غارسيا ماركيز ويصوّر بحسّ دراميّ عميق مجتمعاً متآكلاً من الداخل، الناس فيه غرباء عن أنفسهم وعن العالم المحيط بهم. مقاييس فنية؟ وأوضح مدير المهرجان وحيد السعفي أن عملية انتقاء العروض المبرمجة لهذا العام تمت «وفق اختيارات جمالية ومقاييس فنية اعتمدتها لجنة فنية استشارية ضمت ممثلين عن الهياكل المسرحية وفنانين وإعلاميين وممثلين عن إدارة المسرح ولجنة أخرى مستقلة تضم 4 مسرحيين محترفين». وكأنّه يردّ بذلك على بعض المسرحيين الذين يتأوّلون رفض أعمالهم من المشاركة في المهرجان لأسباب سياسية، ومن هؤلاء المسرحيين المخرج وليد الدغسني الذي ذهب إلى أن لجنة المهرجان استبعدت مسرحيتة «التفاف» بسبب انتقادها شخصيات سياسية في الحكومة الحالية ومناهضتها للمجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية. ودافع الدغسني عن المستوى الفني لمسرحيته «التفاف» قائلاً: «إنّ هذا العمل المسرحي شارك في الكثير من المهرجانات العربية والمحلية مثل مهرجان «منتدى المسرح العراقي» و «مهرجان المسرح الجزائري» إضافة إلى فوزه بجوائز. وتصوّر مسرحية «التفاف» انتظار مدينة قدوم الطوفان الذي سيدمرها، وفي الأثناء يدخل الممثلون في جدل طويل يثيرون من خلاله أسئلة غيبية شتى، معرّجين في الوقت ذاته على قضايا اجتماعية وسياسية حارقة، مثل تغلغل المافيات وتزوير الانتخاب وفشل الإصلاح. كلّ هذا يجعل من قدوم الطوفان ضرورة عسى أن يُولد واقع جديد، أكثر نضارة من رماد واقع قديم متهالك. وتنتظم على هامش المهرجان ثلاث ندوات: محور الندوة الأولى «الفن والدين»، ومحور الثانية «نقد التجربة، همزة وصل» وستنظم هذه الندوة بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح، أمّا الندوة الثالثة وعنوانها «لا جمهور جديداً بلا كتابات مستحدثة» فتنكبّ على تأمّل الحركة المسرحية منذ مطلع القرن العشرين. وسيلتقي خلالها جرار أستور مدير مسرح جان فيلار الفرنسي عدداً من المسرحيين التونسيين والأجانب. ويقول السعفي: «أن نتجذّر في العصر فذلك شعارنا. ولا تجذّر في العصر إلّا في ظلّ حرية الإبداع والخلق، وحريّة الإبداع والخلق لا حدّ لها ولا رقيب عليها». ويستدرك متحدثاً عن الحركات السياسية التونسية المتسترة بالدين والتي ناهضت الفن واعتدت على الفنانين في مناسبات كثيرة فيقول: «إنّ التنظير باسم الدين لإحاطة الفنّ بإطار يلائم ما يظنّ أنّه دين، يسلب الإبداع ماهيته ويرفع عن الخلق جوهره. وكذلك التنظير باسم الأخلاق والأصالة والهويّة كلها أساليب وضعت لسياسة الفن وفق النهج المسطر فتقتل الإبداع. كلها تعلّات لإخضاع الفنّ لغير الفنّ».