كل شيء بدأ صباحاً، حين دخل رجل الى مقر صحيفة «ليبراسيون» وأطلق النار من بندقية صيد في بهو المقر، ما أدى إلى إصابة مساعد مصور بجروح بالغة في البطن والصدر، ولاذ بالفرار. وعثرت الشرطة في المكان على رصاصات فارغة تستخدم عادة في صيد خنازير برية، ما سمح بربط حادثة «ليبراسيون» بما حصل الجمعة الماضي في مقر محطة «بي أف أم» التلفزيونية التي اقتحمها المهاجم نفسه، وفق المدعي العام فرانسوا مولان، مهدداً بسلاحه أحد رؤساء تحرير المحطة من دون سقوط ضحايا. وكان الرجل قال قبل أن يفر: «ستسمعون عني مجدداً»، ما ولّد انطباعاً بأنه يستهدف مؤسسات إعلامية تحديداً، ودفع أجهزة الأمن إلى فرض إجراءات حماية مكثفة حول مقار هذه المؤسسات. وندد الوسط السياسي الفرنسي بالحادث، إذ طالب الرئيس فرنسوا هولاند وزيرَ الداخلية مانويل فالس ب «تعبئة كل الإمكانات» لاعتقال الفاعل، مبدياً تأثره ب «تحول مقر ليبراسيون ساحة حرب، بعد حادث إطلاق نار عنيف جداً لا علاقة له بالديموقراطية». أما مدير صحيفة «ليبراسيون» نيكولا دوموران، فقال: «نشاهد مأساة. حين يدخل مسلح مقر صحيفة في بلد ديموقراطي فهذا أمر خطر جداً مهما كانت حالته النفسية». وزاد: «إذا تحولت الصحف ووسائل الإعلام إلى تحصينات فيعني ذلك أن ثمة مشكلة في مجتمعنا». ونجح الرجل الحليق الرأس والممتلئ الجسم والذي يراوح بين 35 و45 عاما من العمر، في اثارة الذعر في شوارع باريس ووسائل النقل فيها، إذ انتقل من مقر «ليبراسون» الى منطقة لا ديفانس المجاورة للعاصمة باريس، والتي تضم مقار مؤسسات ومصارف كبيرة، وأطلق النار بعد نحو 90 دقيقة على مقر مصرف «سوسييتيه جنرال». واعقب ذلك تلقي الشرطة اتصالاً من شخص أبلغها أنه أُرغم تحت تهديد السلاح، على نقل رجل من منطقة لا ديفانس الى جادة شانزيليزيه في قلب العاصمة، ما أثار الكثير من الريبة والتساؤلات حول دوافع المهاجم وأهدافه، خصوصاً أنه توارى عن الأنظار بدخوله قطار الأنفاق عند أعلى الجادة، على رغم استنفار أجهزة الأمن في شوارع العاصمة ومحطات النقل العام، وأيضاً الأجواء حيث حلقت مروحية تابعة للشرطة على علو منخفض حول المناطق الحساسة في باريس.