تحل اليوم الذكرى الثانية لأحداث شارع «محمد محمود» في القاهرة، وسط ترقب لما ستسفر عنه تظاهرات القوى الثورية بعدما قررت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها عدم الحشد في ميدان التحرير تجنباً لأي صدامات، واكتفت بوقفات أمس أمام منازل عدد من قتلى الأحداث لم تجد صدى كبيراً في الشارع. وقللت مقاطعة «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي تظاهرات اليوم من مخاوف اندلاع أعمال عنف، في حين بقى اختبار العلاقة بين القوى الثورية التي قالت إنها ستتظاهر في الميدان، وقوات الجيش والشرطة التي طوقته من مختلف الاتجاهات. وكانت مواجهات اندلعت بين آلاف المتظاهرين والشرطة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011، بعدما فضت الشرطة بالقوة اعتصاماً لنشطاء في ميدان التحرير للمطالبة بتسليم المجلس العسكري السابق السلطة. وقتل في المواجهات التي استمرت 5 أيام أكثر من 40 شخصاً، وجرح نحو 2000 متظاهر. واعتذر المجلس العسكري في حينها عن سقوط قتلى متعهداً محاكمة المسؤولين عن ذلك، لكن أحداً لم يحاكم سوى ضابط صغير رصدته عدسات النشطاء يصوّب سلاحه تجاه المتظاهرين ويقنصهم. ووقعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في الشارع نفسه المطل على ميدان التحرير خلال إحياء الذكرى الأولى للأحداث، سقط فيها 3 قتلى وعشرات المصابين. وسعى الحكم و «الإخوان» إلى التبرؤ من مواقفهما السابقة خلال الأحداث نفسها وإحياء ذكراها الأولى. فجماعة «الإخوان» اعتبرت في بيان أن هناك «سوء ظن وخطأ في التفسير» لموقفها من الأحداث. وكانت الجامعة أحجمت عن المشاركة في الاعتصام للمطالبة بتنحي المجلس العسكري. وانتقد قياديون فيها المتظاهرين. ورأوا أن هدفهم تعكير انتخابات البرلمان التي كانت قد اقتربت وفازت فيها الجماعة. وقالت الجماعة في بيان إن تلك «الأحداث أسف لها كل الثوريين والوطنيين المخلصين، واستغلها طرف لم يكن يريد التنازل عن السلطة للشعب»، في إشارة إلى المجلس العسكري، مضيفة: «أصبح الواجب الوطني الآن يفرض على الشعب كله أن يتصدى للانقلاب العسكري الفاشي الدموي». واعتبرت أن ذكرى محمد محمود ليست يوماً يعبر فيه الثوار الأحرار عن غضبهم مما مضى، ولكنها «روح تدفعهم للثورة ضد ما هو قائم على الباطل من سرقة للثورة واغتصاب للسلطة وإهدار لإرادة الشعب». أما الحكم، ففرش سجاده الأحمر في الميدان قبل يوم من ذكرى الأحداث، إذ وضع رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي يرافقه وزراء ومسؤولون وسياسيون حجر الأساس لنصب تذكاري لشهداء ثورتي 25 يناير و30 يونيو سيقام في الحديقة الوسطى لميدان التحرير. وقال الببلاوي في كلمته إن الشعب أراد وانحازت القوات المسلحة لإرادته مرتين، في 25 يناير و30 يونيو، مضيفاً: «الطريق إلى الديموقراطية والكرامة كان محفوفاً بالصعاب، حيث سقط العديد من شهداء هذا الوطن في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو، كما استشهد من أبناء هذا الوطن جنود من قواتنا المسلحة الباسلة، ومن رجال الشرطة الأبطال، على أيدى جماعات الإرهاب والعناصر الإجرامية والتخريبية». وقال: «لن يهدأ لنا بال حتى نقطع أيادي الإرهاب، وندحر قوى التخريب والإجرام، لينعم أبناء مصر أينما كانوا بالأمن والأمان». وظهر أن الجيش والشرطة أرادا إحكام السيطرة على الميدان قبل تظاهرات إحياء ذكرى أحداث محمد محمود، فأُغلق أمام حركة المرور وتمركزت آليات عسكرية عند كل مداخله التي طُوقت بالأسلاك الشائكة. وزُين الميدان وحديقته المركزية بأعلام مصر وصور لمشاهد من ثورتي 25 يناير و30 يونيو، كما أُصلحت أرصفته التي كُسرت لاستخدام حجارتها غالباً في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وحلقت مروحية للشرطة فوق الميدان أكثر من مرة. وبات الميدان في عهدة الجيش والشرطة بانتظار متظاهريه، بعدما كان محرماً خصوصاً على قوات الشرطة في تلك الأوقات من العام. وكان «تحالف دعم الشرعية» برر في بيان مقاطعته لتظاهرات اليوم ب «البعد عن أماكن الصدام». وتظاهر عدد من أنصار التحالف في «مليونية المطلب الواحد» أمس أمام منازل «الشهداء» وفي ميادين عدة للمطالبة بعودة الجيش إلى ثكناته العسكرية، لكن تظاهراتهم لم تجد صدى كبيراً. وشدد التحالف على أنصاره بضرورة «الابتعاد عن أماكن الصدام حتى لا نعطي فرصة للمتآمرين بافتعال أحداث عنف وإلصاقها بالتحالف الوطني». وقال: «تقديراً لبعض شباب الثورة الذين أرادوا إحياء الذكرى بالقرب من محمد محمود أو ميدان التحرير، فلن نذهب إلى هناك لأن محمد محمود ليس مكاناً بقدر ما هو رمز». وأعلن حزب «النور» عدم مشاركته في تظاهرات إحياء ذكرى أحداث محمد محمود أو غيرها «لأن الأوضاع الحالية للبلاد لا تتحمل أي فعاليات ميدانية أو تظاهرات». وقال عضو الهيئة العليا للحزب صلاح عبدالمعبود: «في ظل حال الاستقطاب التي تعيشها البلاد فإن الحزب يرفض المشاركة في تظاهرات ذكرى محمد محمود أو غيرها من التظاهرات»، مضيفاً: «الحشد في الشارع ربما يؤدي إلى إحداث صدام وإراقة مزيد من الدماء وهو ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار».