بدأ الرئيس فرنسوا هولاند أمس زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية تستمر حتى غد الثلثاء، يأمل خلالها في دفع عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين «ثمنوا» موقف باريس الحازم تجاه ايران قبل جولة جديدة من مفاوضات بالغة الأهمية في شأن البرنامج النووي الإيراني. وحطت طائرة هولاند ظهر امس في مطار بن غوريون في تل أبيب حيث كان في استقباله نظيره الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قبل أن يجتمع مع كل منهما خلال النهار. كما قام الرئيس الفرنسي امس بخطوات رمزية كزيارة ضريحَي مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل ورئيس الوزراء السابق الذي اغتيل اسحق رابين، ثم زيارة نصب «ياد فاشيم» الخاص بتخليد ذكرى المحرقة. وفي ما يتعلق بالملف الفلسطيني - الإسرائيلي، ينوي هولاند «تشجيع» الطرفين على القيام ب «التسويات» و»الجهود اللازمة» لتجاوز خلافاتهما، وفق الرئاسة الفرنسية التي أقرت في الوقت نفسه بأن «الالتزام الشخصي» لوزير الخارجية الأميركي جون كيري حاسم في مفاوضات السلام الهشة التي استؤنفت بين الطرفين قبل ثلاثة اشهر. وأكد الإليزيه أن «الروح المشجعة والشعور بالأمل» سيسودان الاجتماعات التي سيعقدها هولاند مع المسؤولين الإسرائيليين، ومع الرئيس محمود عباس اليوم، وفي الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) غداً. وسيدعو الرئيس الفرنسي الذي يرافقه ستة وزراء، والمؤمن ب «نفوذ» فرنسا في المنطقة، إلى «حل على أساس الدولتين»، مع ضمانات أمنية لإسرائيل وتأمين مقوّمات الدولة المقبلة للفلسطينيين. ويفترض أن يكرر هولاند التنديد باستمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية الذي يهدد محادثات السلام. ورداً على سؤال لقناة «سي إن أن» الأميركية في شأن المأزق الذي وصلت إليه عملية السلام، اعتبر نتانياهو أن المفاوضات «ليست مجمدة. إننا نجري محادثات ... لكن الوقت حان للحديث عن تنازلات فلسطينية أيضاً، ومن بينها الاعتراف بالدولة اليهودية». وأشار إلى أن «السؤال الحقيقي هو: هل الفلسطينيون يريدون السلام مع إسرائيل؟ هل يريدون دولة محاذية لإسرائيل للاستمرار في النزاع أم يريدون إنهاء هذا النزاع؟». وعشية الزيارة، أعلنت حركة «حماس» على لسان الناطق باسمها صلاح البردويل أن «زيارة هولاند للقدس المحتلة غير مرحب بها لأنها تساهم في تشجيع الاحتلال على جريمة التهويد والاستيطان، وتعكس حجم النفاق السياسي الغربي في الموقف من القضية الفلسطينية، وتؤسس لمرحلة خطيرة من تجاهل الحقوق». ومن المقرر أن يوجه هولاند خلال زيارته لإسرائيل «رسالة صداقة قوية» إلى الدولة العبرية، كما سيؤكد «دعمه للتنمية الاقتصادية والثقافية والعلمية ولدمجها في المجتمع الدولي»، وفق ما أفاد مقربون منه. وبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 2.3 بليون يورو عام 2011. وفرنسا ليست سوى الشريك التجاري الحادي عشر لإسرائيل. وأعرب مسؤول فرنسي كبير عن اسفه لهذا الواقع، مشيراً إلى أن «إسرائيل بلد غني بلغ مراحل متقدمة، لكن مبادلاتنا معه هزيلة». وسيشارك نحو 40 رئيس شركة فرنسية مثل «الستوم» و»أريان إيسباس» و»فينشي» في رحلة هولاند التي سيدشن خلالها مع نتانياهو وبيريز في تل أبيب الثلثاء المعرض الثاني للابتكارات الإسرائيلية - الفرنسية. وتؤكد باريس أن كل التدابير اتخذت حتى تسير الزيارة «بهدوء» لئلا يتكرر ما حصل خلال زيارة سلفه جاك شيراك عام 1996، والذي انفجر غضباً من ضغوط أجهزة الأمن الإسرائيلية. ويومها، وقع التصادم بين شيراك وقوات الأمن الإسرائيلية في حرم كنيسة القديسة حنة التي سيزورها أيضاً هولاند. وهذه الكنيسة هي إحدى أربعة معالم دينية تقع في القدس وتخضع لحماية فرنسا.