حدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان خمسة بنود هي خطة طريق لبقاء المسيحيين في الشرق الأوسط. وشدد على «ضرورة تطبيق المسيحيين الإرشاد الرسولي لتلافي المخاطر المحيطة بوجودهم». كلام سليمان جاء في كلمة ألقاها في حفلة إطلاق كتاب زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان بعنوان «سلامي أعطيكم»، في بكركي امس، في حضور وزراء في حكومة تصريف الأعمال وبطاركة الشرق وأعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الذين يعقدون دورتهم ال47 في بكركي وحشد من المدعوين. واكد البطريرك الماروني بشارة الراعي في كلمة أن آباء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان «لا يرضون بأن يصبح الكيان اللّبناني ومؤسساته الدستورية والعامة رهينة النزاع السياسي - المذهبي الداخلي والمتأثّر في العمق بالنزاع الجاري في بلدان المنطقة والآخذ في الاتّساع، ويرفضون تغيير هوية لبنان». وقال: «ان ما يؤلم هو أن مظاهرَ تغيير هوية الكيان اللبناني وتعطيل رسالة لبنان، لا تقف عند حدود الفكر بل تتعدّاها إلى انتهاك الثوابت الوطنيّة، وجعل الهوية والرسالة حرفاً ميتاً، وأدّت وتؤدّي إلى إفقار الشعب الذي بات ثلثُه يعاني من الجوع، وإلى قهره في معيشته وأمنه ومصيره، وإرغامه على هجرة الوطن، وجعلِ العديد من أبنائه أدواتٍ لحركاتٍ أصولية دخيلة ولأهداف حزبية، يحمّلونها السلاح ويدرّبونها على القتل والهدم والعنف والإرهاب، فضلاً عن تسبّب كلّ ذلك بتفشي الفساد في الإدارات العامّة ونهب المال العام، والانحطاط في الأخلاق، وبانتشار السلاح». وايد مساعي سليمان «إلى إحياء الحوار الوطني وتحقيق المصالحة، ووضع حدّ للانشطار السياسي- المذهبي، ونطالب معكم المجلس النيابي بإقرار قانون جديد للانتخابات، يحفظ المساواة وقيمة صوت الناخب، وأن يكون على قياس الوطن لا على قياس الأشخاص والفئات، وإجراء الانتخابات النيابيّة في أسرع وقت ممكن، كما نطالب الأطراف السياسيّين المتنازعين بتسهيل تأليف الحكومة الجديدة الجامعة والقادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية والأمنية، وعلى إعادة الحياة العامة إلى دورتها الطبيعية، الضامنة للخير العام، ونؤيّد مساعيكم لإجراء انتخاب رئيس جديد للجمهورية في موعده الدستوري، لحماية تداول السلطة بالشكل الديموقراطي، الذي يميّز لبنان». وتحدث رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر عن «الجهود الحثيثة التي قام بها سليمان والدعم المطلق الذي وفره على كل صعيد من اجل ان تأتي زيارة البابا بنديكتوس لائقة». وقال إن البطريرك الراعي سيسلم البابا بنديكتوس نسخة عن الكتاب الأسبوع المقبل. وشكر السفير البابوي غبريال كاتشيا سليمان على «مواكبته التحضيرات لزيارة البابا بأدق تفاصيلها»، مشيرا إلى ما حملته من مضامين. وإذ نوه برسالة المسيحيين في لبنان، شكر للبابا «اصراره على إتمام الزيارة في موعدها وعدم إرجائها على رغم كل ما قيل بسبب الظروف التي كان يمر بها لبنان»، معتبراً أن ذلك يعبر عن عميق محبته لهذا البلد. وسلم الراعي النسخة الأولى من الكتاب، إلى رئيس الجمهورية الذي ألقى كلمة شكر فيها «جميع الذين ساهموا بإنجاح هذه الزيارة وإطلاق الكتاب»، مشيراً إلى «ان المناسبة سعيدة لأنها تحصل في ظرف صعب يمر به لبنان والمشرق العربي ومجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك يستمر بنشاطه للحفاظ على المسيحيين في هذا الشرق». وتحدث عن دلالات زيارة البابا «فهي برهنت عن تضامن الشعب اللبناني والإدارات اللبنانية على كل المستويات وما حققوه، على مستوى الطوائف كافة، من اجتماع ومشاركة في الاستقبال وحسن تنظيم وإدارة وأمن في حين كانت تحذر الرسائل من مختلف دول العالم من أنه سيتم الإخلال بالأمن والتعرض للحبر الأعظم. نجحت الزيارة بل كانت من أنجح الزيارات حسبما قال البابا بنديكتوس، هذا البابا العظيم الذي عرف كيف يتجرد ويخرج من السلطة بكبر». وتوجه بالشكر الى الكاردينال نصرالله صفير». وقال: «أما نتائج هذه الزيارة، فتتمثل بالإرشاد الرسولي الذي وجهه الحبر الأعظم لمسيحيي الشرق. هذا الإرشاد الذي يتكامل مع الإرشاد الرسولي الذي وجهه البابا يوحنا بولس الثاني العام 1997 والذي توجه خصيصاً للبنانيين والمسيحيين في لبنان». وقال: «علينا كمسيحيين تطبيق الإرشاد الرسولي وعدم التفتيش عن طرق وآليات أو مشاريع أخرى. وان نتذكر الشباب الذين كانوا يستمعون إلى البابا بنديكتوس، والذين كان لي الحظ أن أكون بينهم، عندما خاطبهم على درج حاريصا طالباً اليهم أن يتكلموا لغتهم العربية عندما كانوا يهتفون باسم البابا يوحنا بولس الثاني بالفرنسية. علينا أن نتقيد بالإرشاد الرسولي الذي وجه وتكامل مع الإرشاد الآخر لتلافي المخاطر المحيطة بالوجود المسيحي في الشرق الأوسط، أولاً باعتماد: لغة الاعتدال والانفتاح والحوار والحريات وحقوق الإنسان واعتماد القيم الديموقراطية والقيم الحضارية والإنسانية ومحاربة التعصب والإرهاب. ثانيا: عدم الانغلاق المنافي لهذه الرسالة. ثالثا: عدم الذوبان المتعارض مع غنى خصوصية المسيحيين. رابعاً: عدم الاعتماد على الحمايات الأجنبية الوهمية وعدم مماشاة الأنظمة المتسلطة. خامسا: عدم الركون إلى فكرة تحالف الأقليات». وقال إن «هذه الخلاصات تشكل خريطة طريق لبقاء المسيحيين في هذا الشرق في ظل العالم المتعدد، والكرة الأرضية المعولمة التي لا مكان فيها للتقوقع لا بل بالعكس، فنحن أصحاب رسالة انفتاح ويجب أن نحارب هذا التقوقع لأن العولمة والتعددية والانفتاح يقابلها تقوقع وانعزال، وهما ليسا من شيم المسيحيين، وعلى الأنظمة التي تحاول أن تنشأ في هذا الشرق أن تعلم أن عليها إشراك كل المكونات الموجودة فيه في العمل السياسي وإدارة شأنه دون النظر إلى عددها بل إلى الحضارة التي تحملها». ... ويطلب من القضاء عدم التأثر بالضغوط شدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان امام المدعي العام التمييزي بالوكالة القاضي سمير حمود الذي زاره في قصر بعبدا امس، على ضرورة متابعة مسار التحقيقات الجارية في الملفات القضائية، خصوصاً ملفات متفجرات طرابلس والرويس ومقتل الشيخ سعدالدين غيه، وملف «الهيئة العليا للاغاثة»، ومواصلة الاجراءات القضائية من دون التأثر او الخضوع لأي ضغوط او تدخلات والاستناد فقط الى القانون والنصوص المرعية. وفي السياق، طلب قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات سوق كل من المدعى عليهما الموقوفين رئيس الهيئة العليا للاغاثة ابراهيم بشير وزوجته، إلى دائرته الاثنين المقبل لمباشرة التحقيق في ملف اختلاس أموال عائدة إلى الهيئة واستجوابهما.