لم تفلح جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إقناع الكونغرس بنهج الإدارة حيال إيران، رغم تشديده على أن «صلب نظام العقوبات لن يُخفَّف، إذ ستبقى نسبة 95 في المئة منها أو أكثر كما هي». وهو طالب بمهلة «أسابيع» لبتّ العقوبات الجديدة على طهران والتي سبق أن اقرّها مجلس النواب في حزيران (يونيو) الماضي «من أجل تفادي زعزعة الثقة بالمفاوضات النووية معها أو وقفها وتقويضها». وأعلن زعيم اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ تيم جونسون، أن «لا قرار في شأن العقوبات النفطية والمصرفية الجديدة على إيران، لان الإدارة لم تعطِ تفاصيل حول مضمون الصفقة معها»، ما يمنح الرئيس الأميركي باراك أوباما وقتاً ضئيلاً للمفاوضات التي من المقرر أن تُستأنف الخميس والجمعة المقبلين في جنيف. واكد أعضاء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، بعد لقائهم نحو ساعتين كيري وجوزف بايدن نائب الرئيس وممثلة الإدارة في المفاوضات النووية مع إيران ويندي شيرمان ومسؤول العقوبات في وزارة الخزانة ديفيد كوهين، أن خفض العقوبات «خطأ استراتيجي للكونغرس». وأعلن هؤلاء أن كيري قدم «طرحاً عاطفياً» لتأجيل العقوبات، مبدين شكوكاً كبيرة في نهج الإدارة، ومخاوف على العلاقة الإسرائيلية - الأميركية في ضوء الخلاف حول الصفقة مع إيران، علماً أن وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت سيزور واشنطن لإقناع الكونغرس بالتصويت على زيادة العقوبات. وأبدى زعيم الغالبية الديمواقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد «ترحيباً فاتراً بما قدمه كيري، فيما قال السناتوران الجمهوريان بوب كوركر ومارك كيرك إن «كلام كيري خلا من أي مضمون»، وانتقدا مطالبة كيري بعدم أخذ التقويم الإسرائيلي على محمل الجد «كونه مبالغاً فيه». ورأى كيرك أن ما قاله كيري «ضد اسرائيل»، مضيفاً: «أرى اليوم مستقبل حرب نووية في الشرق الأوسط. هذه الإدارة مثل نيفيل تشامبرلاين، تفتح الطريق إلى نزاع دموي كبير في الشرق الأوسط»، في إشارة الى رئيس الورزاء البريطاني في فترة اتفاقات ميونيخ عام 1938. وأبلغ كيري الكونغرس انه اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتهدئة غضب تل أبيب من اقتراب التوصل إلى اتفاق مع إيران، وكشف للمرة الأولى أن الولاياتالمتحدة تعرض على إيران الإفراج عن «جزء صغير» من أصولها المجمدة في حسابات في بنوك حول العالم، والمقدّرة بنحو 45 بليون دولار. وقال: «قبل العقوبات تراوح الدخل السنوي لإيران من مبيعات النفط بين 110 و120 بليون دولار، وهو تدنى إلى ما بين 40 و45 بليون دولار الآن، فيما لا تستطيع الوصول إلى 45 بليون دولار مجمدة في بنوك حول العالم». وزاد: «كل ما نتحدث عنه هو الإفراج عن جزء صغير من المبلغ المجمد، لأن علينا أن نفعل شيئاً كي نجعل الإيرانيين يقولون نعم، ولن نغير برنامج العقوبات». وأشار إلى أن الدول الست الكبرى (الدول الخمس الدائمة العضوية وألمانيا) قريبة جداً من إبرام اتفاق مع إيران، وتختلف فقط حول «أربعة أو خمسة مفاهيم»، علماً أنه كان ألقى باللوم على إيران في عدم «قبول العرض» المطروح على الطاولة خلال الجولة الأخيرة من المحادثات في جنيف الأسبوع الماضي، وهو ما رفضته طهران. وأوضح أن الدول الست الكبرى موحدة حول اقتراح «قوي»، متسائلاً: «إذا لم يكن الاقتراح قوياً، فما السبب الذي دفع إيران إلى عدم الموافقة عليه؟».