يسعى رئيس الوزراء التركي الى التدخل في حياة الاتراك الخاصة وفرض رقابة على السكن والاختلاط. وهذا حلم فاشي حري بصاحبه الاستقالة. وأدرك احد مستشاري اردوغان ونائب رئيس الوزراء بولنت ارينش فداحة سياسة اردوغان. فسارعا الى انقاذه، ونفيا تصريحاته وزعما ان الخبر مفبرك أو حرّفت أقواله عن قصدها! لكن أردوغان دحض تصريحات مستشاريه، وأعلن انه ليس في حاجة لمن يدافع عنه. والحق يقال إن أردوغان يحتاج إلى توتير الأجواء قبل الانتخابات البلدية والى بعث الاستقطاب بين فئات المجتمع. لذا، يلجأ من جديد لأفكاره الفاشية الغريبة. وهو يسعى الى فرض معاييره الخاصة قبل الانتخابات مطلع الشتاء القادم. ففي قضية حظر الحجاب في الجامعات، اجتمعت كل احزاب المعارضة وأجمعت على مشروع قانون توافقي في البرلمان يرفع هذا الحظر ويطوي المسألة من غير تصادم. ورفض أردوغان المشروع هذا وأراد حل المسألة على طريقته. فأبقى على الحظر لكنه التف عليه من طريق تعيين رؤساء للجامعات موالين له، غضوا النظر عن تطبيق القانون، ليقول لناخبيه ومريديه أنه هو وحده قادر على حل مشكلاتهم وتجاوز القانون أو الالتفاف عليه من أجل «مصلحة» ناخبيه. ولا يريد أردوغان أن يؤدي أي حزب دوراً في حل مشكلة تركية. نحن أمام رئيس وزراء يتدخل في الحياة الخاصة، وهو يريد أن يفرض علينا عدد الاطفال الذين ننجبهم، وتحديد كيفية إنجابهم من طريق الولادة الطبيعية وحظر الولادة القيصرية، ويريد أن يحدد سن الاختلاط في المسابح العامة بين الذكور والإناث، لنجده في نهاية المطاف يشاركنا غرف النوم ويحدد من يدخلها. وليست المسألة، على ما يزعم، حرص على الاخلاق وتنشئة الجيل وتربيته ومنع الشباب من الوقوع «في الخطأ». فأردوغان نفسه قال إن عمله السياسي حرمه تربية أولاده او المشاركة في شؤون تربيتهم، وهم ذهبوا للدراسة الجامعية في الخارج. لذا فإن الشعب لا حاجة له بنصائح تربوية من أب غائب. ولا شك في ان أردوغان لا يستطيع «بيع» افكاره وترويج سياساته الا من طريق نفخ الاستقطاب في الشارع واقتراح المشاريع الراديكالية. وهو تفاجأ بدخول نائبات حزبه محجبات الى البرلمان من غير أن تعترض المعارضة أو تنزل الى الشارع. ففقد أردوغان فرصة لا تعوض من أجل اثارة مشكلة اجتماعية جديدة يبني عليها دعايته الحزبية، فانتقل الى مشروع جديد فاشي الطابع يكرس التدخل في الحياة الخاصة. فهو يسعى الى أن يشغل الرأي العام عن أي موضوع آخر. ويبدو أنه قطع على نفسه عهداً بتحويل تركيا الى دولة اسلامية قبل أن يسلم الروح أو يغادر الحلبة السياسية. ويأمل أردوغان في الحصول على اصوات 50 في المئة من الناخبين من أجل الاستمرار في مشروعه الخاص قبل الانتخابات البلدية. وهو يشعر بالقلق ازاء احتمال خسارة بلدية إسطنبول التي يعتبرها أبرز رمز. * عن «راديكال» التركية، 9/11/2013، إعداد يوسف الشريف