أبرمت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقاً أمس، اعتبرته طهران «خريطة طريق»، إذ يتيح خلال ثلاثة أشهر تفتيش منشأة نووية لإنتاج البلوتونيوم تعمل بالماء الثقيل، ومنجم يورانيوم، في محاولة لتبديد مخاوف الوكالة من «أبعاد عسكرية» محتملة للبرنامج النووي الإيراني. ووَرَدَ في بيان مشترك أُبرم خلال زيارة لطهران للمدير العام للوكالة يوكيا أمانو، أن الاتفاق الذي يتضمّن ستة بنود وملحقاً، يفيد بتفاهم الجانبين على «تعزيز تعاونهما وحوارهما، لتأمين الطابع المحض سلمي للبرنامج النووي الإيراني»، مضيفاً: «يُتوقع أن يشمل تعاون إيران تزويد الوكالة الذرية في وقته، معلومات عن منشآتها النووية وفي ما يتعلق بتطبيق تدابير الشفافية. والنشاطات ستُجرى خطوة خطوة». وأشار البيان إلى أن الطرفين «سيسعيان إلى تعاون إضافي لتسوية كل المسائل الحالية والسابقة». وحدّد ملحق الاتفاق ست خطوات أولى يجب أن تطبقها إيران في الأشهر الثلاثة المقبلة، بما في ذلك دخول مفتشي الوكالة منشأة آراك التي تعمل بالماء الثقيل ومنجم كجين لليورانيوم قرب ميناء بندر عباس على الخليج، وهذان موقعان طلبت الوكالة مراراً تفتيشهما. كما ستقدّم طهران معلومات عن مفاعلات بحث تخطط لتشييدها، ومعلومات تتعلّق بتحديد 16 موقعاً اختيرت لتشييد محطات للطاقة النووية، وستوضح إعلانات سابقة عن تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم باستخدام الليزر. لكن الاتفاق لم يشِر إلى مجمّع بارشين العسكري قرب طهران حيث تشتبه الوكالة بتنفيذ اختبارات سرية فيه لصنع سلاح ذري. واعتبر رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي أن «البيان المشترك المُبرم يشكّل خريطة طريق تحدّد الخطوات الثنائية في ما يتعلّق بتسوية القضايا العالقة». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع أمانو: «حصلت على إذن لاستجابة طلب الوكالة زيارة المفتشين منشأة آراك ومنجم كجين، وأبدت إيران طوعاً استعدادها لذلك». وأشار إلى أن «خريطة الطريق» تتضمّن ست مراحل، تستغرق أولها ثلاثة أشهر و «هدفها زيادة الثقة بين الطرفين»، مضيفاً: «في المرحلتين التاليتين سيناقش خبراؤنا وخبراء الوكالة المسائل الأخرى (لا سيما تلك التي) لا طابع نووياً مباشراً لها». ووضع صالحي تعاون بلاده مع الوكالة «في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية»، معتبراً أن من «حسن الحظ» أن زيارة أمانو لطهران «تزامنت مع محادثات جنيف» الأسبوع الماضي بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. ووصف أمانو الاتفاق بأنه «مهم جداً»، مستدركاً أن ثمة «كثيراً من العمل». وأشار إلى أن «التدابير العملية ستُطبّق في الأشهر الثلاثة المقبلة»، لافتاً إلى أن «الوكالة ستسوّي كل المشكلات العالقة، الحالية والماضية، من خلال التعاون» مع طهران. وأضاف: «سنرفع تقريراً لمجلس محافظي الوكالة حول عمليات التفتيش والاتفاق». مصدر قريب من المحادثات في طهران أبلغ «الحياة» أن إيران طالبت أمانو باعتماد قواعد جديدة للتعاطي مع برنامجها النووي، معتبرة أن «ظروف الفترة السابقة لم تكن ملائمة للتعاطي مع الوكالة الذرية، كما هي الآن». ووضع المصدر سماح إيران للوكالة بدخول منشأة آراك ومنجم كجين، في إطار «إثبات حسن نياتها»، وطالب الدول الست بأخذ ذلك في الاعتبار خلال جولة المحادثات المقبلة بين الجانبين في 20 الشهر الجاري. فابيوس توقيع الاتفاق بين طهران والوكالة، أتى بعد ساعات على تجديد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مطالبته إيران بتجميد تشييد منشأة آراك، «لئلا تُشغّل وتنتج قنبلة» نووية، ودعوته إلى وقف التخصيب بنسبة 20 في المئة وإخراج اليورانيوم المخصب بتلك النسبة. ودافع عن موقف بلاده خلال مفاوضات جنيف، قائلاً إن فرنسا «ليست معزولة ولا تابعة، بل مستقلة وتعمل من أجل السلام. نحن صارمون ولسنا منغلقين». وأكد أن الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) «متفقة بالكامل» على شروط التفاوض، مضيفاً: «لسنا بعيدين عن اتفاق مع الإيرانيين، لكن لم نصل إليه بعد. أنا متفائل بأننا سنتوصل إلى اتفاق جيد. نريد اتفاقاً يضمن الاستقرار الإقليمي والدولي، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق سيُحدث الأمر مشكلة كبرى خلال أشهر». وسعى السفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية حول اتفاق محتمل مع إيران، إذ أبلغ مؤتمراً للمنظمات اليهودية - الأميركية يُعقد في القدس أن «الولاياتالمتحدة وإسرائيل تتشاركان أجندة متطابقة في هذه المسألة»، مذكراً بتعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه «لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي وانه مستعد لاستخدام كل عناصر قوتنا لضمان نجاحنا». وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي بثّت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو امتنع عن مصافحة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائهما الجمعة الماضي. إيران – بريطانيا على صعيد آخر، أعلنت طهرانولندن أنهما استأنفتا علاقاتهما الديبلوماسية على مستوى قائمَين بالأعمال «غير مقيمَين»، بعد تجميدها عام 2011 إثر اقتحام طلاب السفارة البريطانية في طهران. وأشارت الخارجية البريطانية إلى «تعيين اجاي اشارما قائماً بريطانياً بالأعمال غير مقيم في إيران»، فيما أعلنت طهران تعيين محمد حسن حبيب زاده قائماً بالأعمال «غير مقيم» في لندن. من جهة أخرى، اعتبر علي عبداللهي مساعد وزير الداخلية الإيراني، أن مقتل صفدر رحمت آبادي مساعد وزير الصناعة والتجارة بالرصاص «ليس اغتيالاً ولا مرتبطاً بقضايا سياسية وأمنية».