طغت العواطف وتأثيراتها في تفكك الشركات العائلية في الخليج على نقاشات منتدى الشركات العائلية الخليجية 2013 الذي يختتم أعماله اليوم في دبي، وسط مداخلات عدة تركزت في مجملها حول ضرورة حوكمة الشركات العائلية في الخليج، وإيجاد الآليات المناسبة لحل الخلافات التي تطرأ على الأجيال المتعاقبة في الشركات العائلية. وكشف مدير شريك في المجموعة الاستشارية القابضة الاستشاري علي مهنا عن أن استمرار الشركات مع الجيل الثاني يشكل 50 في المئة، فيما يشكل مع الجيل الثالث نحو 30 في المئة، بينما لا يتعدى 10 في المئة مع الجيل الرابع، مشدداً على أن الهدف الأول من تحويل الشركة إلى مساهمة هو الاستمرارية، مضيفاً: «عندما تتحول الشركة إلى مساهمة فهي تطبق لائحة الحوكمة التي تنظم العمل وتساعدها في تحقيق الاستمرارية». من جهتها، رأت أستاذة علوم الإدارة في جامعة بوروديكس بفرنسا رانيا لبكي، في محاضرة ألقتها بعنوان: «الحوكمة في الشركات العائلية تحقيق التوازن الاقتصادي والعاطفي من منظور مزدوج»، أنه من الأهمية إقحام عناصر من خارج العائلة إلى داخل العائلة عبر مديرين مستقلين، إلا أنه يتوجب عليهم أن يكونوا ملمين بقيم العائلة وثقافتها وتوجهاتها، معتبرة أنه في حال كان هناك من يمتلك الخبرة في العمل لدى عائلات أخرى يكون من المستحسن توظيفه، بحيث يكون أكثر تأهيلاً، ويكون مقبول من جميع أفراد العائلة ويمنحونه الثقة. وأكدت لبكي أن «العاطفة موجودة في نظام الشركات العائلية كما هي موجودة في نظام العائلة نفسها»، مضيفة: «العواطف في العائلة تؤثر في الشركة، وأداء الشركات يؤثر في أفراد العائلة، ومن هنا لابد من تحقيق التوازن، وأنماط الحوكمة تستطيع أن تساعد في هذه العلاقة، فالشركات العائلية من رأيي عليها اتباع نمطين من الحوكمة، هما حوكمة العائلة وحوكمة الشركة». وأشارت إلى أن حوكمة الشركات تتم كما هو متبع في أي نظام تجاري في أية دولة، أما حوكمة العائلة فتتعلق بالتنظيم العائلي، مثل ميثاق العائلة والبروتوكول، والذي ينظم العلاقة بين أفراد العائلة والتعريف بأدوارهم والتعريف بالقيم وكذلك اختيار الأب الروحي للعائلة، وهو ما يضمن تطوير قدرات أفراد العائلة بما يملكه من تأثير عاطفي فيهم، ويكون قادراً على حل الخلافات والصراعات الداخلية. وأضافت لبكي: «أثبتت البحوث أن توظيف مدير مستقل يحظى بقبول من أفراد العائلة أمر من شأنه تسهيل التواصل داخل الشركة العائلية، وهذا مهم من دون إغفال دور الحوكمة الذي ينظم كل الإجراءات، إذ لا بد من اجتماع العائلة على طاولة واحدة والاتفاق على وثيقة فيما بينهم، وهذا ما سيجعل الوثيقة فعالة». من ناحيته، استبعد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين وضع إطار عام للحلول في ما يتعلق بالمشكلات التي تعتري الشركات العائلية، معتبراً أن لكل شركة عائلية ظروفها الخاصة، وأن كل مشكلة تختلف عن الأخرى ما يستدعي معالجة كل شركة على حدة. أما الرئيس المشارك للجنة الأنشطة الحقوقية في الاتحاد الدولي للمحامين المحامي ماجد قاروب فأوضح أن الشركات العائلية في الاقتصاد الوطني تمثل 90 في المئة وتوظف 75 في المئة من القوى العاملة وتنفذ كامل مشاريع التنمية والتشغيل والصيانة لمعظم مرافق دول الخليج، وأكد أن الغرف التجارية تعمل حالياً على إنشاء مراكز للشركات بالصلح والتوفيق. وأضاف: «الهدف من تحويل الشركات إلى مساهمة هو استمراريتها، إلا أن مكاتب استشارية تتبنى فكرة التحويل وتضمر نوايا أخرى تتعلق بتحقيق أرباح بطرق غير شرعية لاستغلال التمويل الذي تصل مبالغه إلى نحو 500 مليون ريال، من دون الاكتراث بما سيؤدي إليه هذا التصرف من أثر سلبي في المجتمع والاقتصاد السعودي». ووضع الشريك المؤسس المدير الإداري للمجموعة الاستشارية للأعمال العائلية المستشار وليد شينياره، خلال محاضرته التي جاءت بعنوان: «الحلول العلمية لتسوية النزاعات في الشركات العائلية»، ثلاثة عوامل أساسية لمراعاة وتسوية أية نزاعات تنشأ في الشركات العائلية، تتمثل في الملاك والشركات والأصول، مبيناً أن كل عامل له طبيعته الخاصة وظروفه الخاصة، معتبراً الحوكمة فاصلاً حازماً بين العواطف والعقل، في حين يشكل الحوار محوراً أساسياً في الوصول إلى الحوكمة وتنظيم علاقة أفراد العائلة ببعضهم البعض. وفي محاضرته التي جاءت بعنوان: «الحوكمة وتجارب فرنسية رائدة»، دعا أستاذ القانون في جامعة السوربون المحامي البروفسور فيليب فورتوت إلى أن تعي الشركات العائلية ضرورة التنظيم والهيكلة لمواجهة التحديات المستقبلية، مضيفاً: «وهنا تظهر الحوكمة وأهميتها في استمرارية هذه الشركات وتطوير أعمالها أيضاً، ولا بد من وجود ميثاق عائلي وتوافق على تعيين شخص لإدارة الشركة، وهذا ما يساعدها أيضاً في إدارة الحصص بعد تحويلها إلى شركة مساهمة.