أكد الإعلامي الدكتور عبدالرحمن الشبيلي أن وسائل الإعلام الرسمية في الوطن العربي لا تحقق طموحات المجتمع، خصوصاً أن الإعلام الحكومي يعاني من عزوف من شرائح مختلفة. وقال الشبيلي في محاضرة بمنتدى عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية بعنوان: «الإعلام اليوم عالم بلا حواجز» أول من أمس: «وسائل الإعلام الخارجية أصبحت تنافس الوسائل الوطنية، إذ إن الإعلام الرسمي يعيش أزمة لا ينبغي لها الدوام، ويمرّ بمشكلات يجب البحث عن حلول لها». وأضاف أن الإذاعة والتلفزيون في المملكة خلال فترة الستينيات والسبعينيات الميلادية أكثر استجابةً لتوفير الترفيه عبر الشاشة الصغيرة وراديو الترانزستور، وكان الإعلام الخارجي - عبر الكتب والأفلام الإعلامية عالية الإنتاج - يقوم بدور نشط للوصول إلى الخارج، وبدعوة الصحافيين الأجانب بالعشرات سنوياًً، ثم جدّت بالتدريج في نهاية السبعينيات ظروف إدارية وسياسية واجتماعية عدّة جعلت وسائل الإعلام المحلية تتراجع إلى مستويات أقل. وذكر أنه عبر العقود الثلاثة الماضية لم يبق من متابعي وسائل الإعلام المحلية وبخاصة الإذاعة والتلفزيون، سوى فئة من الجمهور لا تميل أصلاً إلى الصيغ البرامجية التي تقدمها الوسائل الأخرى، وفئة أخرى تحرص على متابعة الأخبار المحلية ساعة تقديمها، وأصبحت المادة الوحيدة التي لا تستطيع وسيلة إعلام خارجية الدخول في منافسة فيها مع وسائل الإعلام المحلية هي احتكار البث من الحرمين الشريفين في المناسبات الدينية وعلى مدار العام. وأكد أن الإعلام الرسمي خسر عدداً من قياداته الناجحة، وانحسرت مشاركات المثقّفين في وسائل الإعلام، وانكمشت برامج التدريب، وتقلّص الإنتاج المحلي من الدراما والمنوّعات بدخول شركات إنتاج لا تخدم إلا مصالحها، وأخذ الإعلام السعودي المسموع والمرئي يقتصر في إنتاجه المحلي على أبسط صيغ الإنتاج وأضعفها وأقلها احترافاً ومهنيّة، واتجه في مجمله وجهةً مشخصنة لدرجة أن بعض مسؤوليه يتلقى الأوامر اليومية من الجهات العليا مباشرة من دون الالتفات إلى المعايير المهنية المثالية. ويرى الشبيلي أن المشكلة الأساسيّة تكمن في الإدارة التي أفقدت الإعلام الرسمي الحركة والعمل المؤسسي، وتولّدت عنها جملة من المشكلات الأخرى كتردّي الاحتراف والإبداع وانخفاض مستوى «النمذجة « في الإنتاج الفني، وزيادة الكم على حساب الكيف بتدشين قنوات تلفزيونية وإذاعية ليس لها طعم، لافتاً إلى أن الإعلام الجديد منافس قوي لوسائل الإعلام التقليدية، ولم يعد بمقدور الحكومات التحكّم بما يصدر عنه من فكر، أو السيطرة على مدخلاته ومخرجاته، وأضحت مؤسسات المجتمع المدني في العالم تنتظر من الحكومات أن تمنح الحرية لمستخدميه. من جهته، اعتبر وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب أن الإعلام الحكومي الرسمي لم يعد قادراً على خدمة الذين يقفون خلفه من أنظمة وحكومات، متسائلاً: «هل انتهى الإعلام الرسمي بعد أن بات غير قادر على القيام بوظيفته، وبعد أن أصبح يغرّد في وادٍ والناس المعنيون يتابعون همومهم ويواجهون مشكلاتهم وهم يعيشون في وادٍ آخر؟». وقال في ورقة له بعنوان: «الإعلام في زمن الخصخصة»: «لا أتحدث عن الوسائل ولا عن التقنيات ولا عن الكفاءات الإعلامية البشرية، وإنما عن المحتوى والرسالة اللذين تبثهما الوسيلة الإعلامية الرسمية الحكومية، ومدى تأثيرهما في المُتلقي، هذا إن كان بقي هناك متلقون لما يبثه الإعلام الرسمي الحكومي، الذي يمكن القول عنه إنه - بأساليبه وبرسالته القديمة المملة والمكررة، وبمحتواه عموماً، وطريقته التي أصبحت خارج إطار العصر - لم يعد قادراً على خدمة الذين يقفون خلفه من أنظمة وحكومات، في ظل كل هذا الانفجار الإلكتروني، وفي ظل هذه الثورة الإعلامية المعاصرة».