أقر المختبران النوويان السويسري والروسي اللذان أجريا فحصاً لرفات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أن موته لم يكن طبيعياً، لكنهما اختلفا على سبب الوفاة، ولم يتوصل أي منهما إلى نتيجة قاطعة في شأنه، في وقت اتهمت لجنة التحقيق الفلسطينية إسرائيل بالوقوف وراء اغتيال عرفات، متعهدة مواصلة البحث عن الدليل الذي يثبت ذلك. وقال رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية بوفاة عرفات اللواء توفيق الطيراوي، في مؤتمر صحافي في رام الله، إن نتائج التقرير السويسري «تدعم بشكل معتدل نظرية أن تكون الوفاة نتيجة مادة البولونيوم المشع 210»، بينما اعتبر التقرير الروسي أن مستوى مادة البولونيوم 210 في رفات عرفات «لا يعطي دلائل كافية» بأن «البولونيوم 210» هو سبب الوفاة. وقال رئيس اللجنة الطبية للتحقيق في وفاة عرفات الدكتور عبدالله بشير، إن التقرير الروسي أشار إلى وجود معطيات جديدة في سياق البحث عن مواد سمية أخرى، لكنها تتطلب المزيد من البحث والدراسة. لكنه أضاف أن الفريقين «أجمعا على أن الوفاة ليست طبيعية بسبب المرض أو تقدم السن، بل نتيجة مادة سميّة». وتسلم الجانب الفلسطيني التقرير الروسي في رام الله في الثاني من الشهر الجاري، كما تسلم التقرير السويسري في جنيف في الخامس من الشهر الجاري. وكشف الدكتور بشير أن الوفد الروسي أجرى فحصاً على متعلقات الرئيس الراحل المحفوظة في غرفته المغلقة في مبنى المقاطعة، لكنه لم يعثر فيها على شيء. وأظهر التقريران وجود مادة إشعاعية أخرى في رفات الرئيس الراحل وهي «الرصاص المشع 210». وبعد الفحص تبيّن أن الرصاص المشع نتج عن البولونيوم المشع في جسده. وكشف الدكتور بشير ل «الحياة»، أن المختبر الروسي وجد أن مستوى البولونيوم المشع في رفات عرفات بلغت بين 10 مرات الى 100 مرة أعلى من المستوى الطبيعي، فيما وجد المختبر السويسري المستوى بين مرة واحدة و18 مرة أعلى من المستوى الطبيعي. وعزا ذلك إلى اختلاف التقنيات التي يستخدمها كل من المختبرين. وقال إن نتائج التقريرين الروسي والسويسري تؤكد ما توصل إليه التحقيق الفلسطيني المستمر، وهو «أن ابو عمار لم يمت بصورة طبيعية، أو جراء تقدم السن، أو المرض». وقال: «إن التحقيق سيتواصل، وهذه التقارير وفرت لنا دعائم علمية، وقربتنا من الوصول إلى الحقيقة، لكنها ليست نهاية المطاف». وقال الطيراوي إن لجنة التحقيق الفلسطينية «أمضت آلاف الساعات في البحث والتحقيق، وأخذت شهادات من مئات الأشخاص من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين في داخل الوطن وحول العالم»، موضحاً أن «الهدف هو الوصول إلى إجابة على سؤال: من يقف وراء تصفية عرفات، ومن يمتلك الإمكانات والتقنية العلمية لذلك؟». واتهمت لجنة التحقيق الفلسطينية إسرائيل بالوقوف وراء اغتيال عرفات، متعهدة مواصلة البحث عن الدليل الذي يثبت ذلك. وقال الطيراوي: «إسرائيل هي المتهم الأول والأساسي والوحيد في قضية اغتيال عرفات، وسنستمر في تحقيق متكامل للبحث والتأكد من التفاصيل كافة». وأضاف: «اقتربنا من الحقيقة، وسيكون لقاؤنا المقبل من أجل إعلانها»، مؤكداً أن «كل المعطيات يقول: ياسر قتل، وإسرائيل هي التي قتلته». واعتبر أن نتائج التقريريْن الروسي والسويسري ضيقت من دائرة البحث لدى اللجنة، مشيراً إلى أن اتجاهات التحقيق في المرحلة المقبلة ستنصبّ على المناطق التي أشارت إليها نتائج الفحص. وعلى الصعيد الإسرائيلي، قال الناطق باسم وزارة الخارجية إيغال بالمور: «على الفلسطينيين أن يتوقفوا عن توجيه كل تلك الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة ولا يدعمها أدنى دليل، لأن هذا يكفي. لا علاقة لنا مطلقاً بهذا».