استعاد الشارع في إيران أمس، حيوية «ثورية»، إذ نظم مسيرات اعتُبرت الأكثر ضخامة في السنوات الأخيرة، إحياءً للذكرى ال34 لاحتلال السفارة الأميركية في طهران، تردد خلالها شعار «الموت لأميركا». وبات هذا الشعار الذي كان ترداده «عادياً» بعد الثورة عام 1979، مادة سجال أخيراً، بعد إعلان رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني أن الإمام الخميني أراد إلغاءه، كما أُلغيت شعارات «ثورية» أخرى. وسعى المعسكر الأصولي إلى استغلال الذكرى لإثبات وجوده، ورفع صوته احتجاجاً على محاولات حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني الانفتاح على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تزامناً مع اعتمادها «نهجاً جديداً» في محادثاتها مع الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني. لكن مراقبين يرون أن إيران حوّلت الذكرى عرض قوة، قبل جولة المحادثات مع الدول الست في جنيف يومي الخميس والجمعة المقبلين، سعياً إلى تعزيز وضعها التفاوضي لانتزاع تنازلات من الغرب. وكان لافتاً أن الإحياء الصاخب لذكرى احتلال السفارة الأميركية، تزامن مع إعلان روحاني أن حكومته «ليست متفائلة في شأن الغربيين والمفاوضات... لكن ذلك لا يعني وجوب ألا نتفاءل بتسوية المشكلات». وذكّر خلال لقائه نواباً، بأن حكومته «تركّز جهودها لرفع عبء العقوبات الجائرة عن كاهل الشعب الإيراني»، مشدداً على وجوب الامتناع عن «توقّع معالجة جميع المشكلات خلال فترة وجيزة». وأشار روحاني إلى أن «شعبنا لا يعادي أي شعب، حتى الشعب الأميركي»، مؤكداً أن «سياسة الحكومة والشعب في إيران قائمة على مقارعة الظلم والعدوان والتزام الصمود وصون الاستقلال، وفي الوقت ذاته التعاطي المؤثر والبنّاء مع العالم». وأوردت وسائل إعلام أن المتظاهرين المتجمّعين أمام «وكر التجسس»، داسوا صوراً لأوباما وأعلاماً أميركية، وأحرقوا أعلاماً لأميركا وإسرائيل ودمىً تمثّل زعيمَي الدولتين. وردّد المحتجون شعار «الموت لأميركا» بأربع لغات هي الفارسية والتركية والإنكليزية والعربية، إضافة إلى شعارات «الموت لإسرائيل» و «الإيراني يموت ولا يساوم». ورفع المشاركون في مسيرات «اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي»، يافطات كُتب عليها «ندوس أميركا تحت أقدامنا» و «أميركا هي الشيطان الأكبر» و «صامدون إلى الأبد» و «هيهات منا الذلّة» و «إذا أمر (المرشد علي) خامنئي بالجهاد، لن يستطع أي جيش مجابهتي» و «ما دامت الدماء في عروقنا، فإنها هدية إلى القائد» (خامنئي). كما رفعوا مجسّمات لأجهزة طرد مركزي تُستخدم لتخصيب اليورانيوم، ويافطة كُتب عليها «ثمرة صمود الشعب الإيراني أمام العقوبات: تشغيل 18 ألف جهاز طرد مركزي». ونُصبت أمام مبنى السفارة الأميركية أمس، ملصقات دعائية ضخمة كانت الخارجية الإيرانية اعتبرتها «غير شرعية» وأزالتها بلدية طهران الشهر الماضي، تتهم الولاياتالمتحدة بالخداع في مفاوضاتها مع إيران. وشارك في المسيرات التي شملت مدناً عدة، قادة سياسيون وعسكريون، ووزراء ونواب، بينهم سعيد جليلي، السكرتير السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ممثل خامنئي في المجلس، والذي اعتبر أن «شعار الموت لأميركا ليس موجهاً إلى شعب الولاياتالمتحدة، بل إلى حكومتها التي تقمع الشعوب الأخرى».