صممت الشابة الأفغانية شمسية حسيني أن تتحدى المعتدين عليها الذين القوا على وجهها الحمض الكاوي قبل خمسة أعوام أمام مدرستها، وها هي اليوم أصبحت معلمة للصغار في حيها في مدينة قندهار. في مثل هذه الأيام من العام 2008، كانت شمسية حسيني تسير مع صديقاتها متجهة نحو مدرستها في مدينة قندهار، المعقل التاريخي لحركة طالبان، حين اعترضها رجلان على دراجة نارية. وقام أحدهما، وهو مقنع، بنزع الخمار عن وجهها، وسألها إن كانت ذاهبة للمدرسة، ثم رمى على وجهها الحمض الكاوي. كانت شمسية آنذاك في ال17 من عمرها، وأصيبت بحروق بالغة إلى جانب 15 تلميذة أخرى. وأثار هذا الاعتداء موجة غضب في العالم اجمع. لكن رغم كل ذلك، أقنعت شمسية والديها بالذهاب مجدداً إلى المدرسة. وبعد مرور خمسة أعوام، ما زالت الشابة تعاني من مشكلات في عينيها، ومن اضطرابات مزمنة في النظر، لكنها الآن أصبحت معلمة في مدرستها، تدرس الفتيات. وتقول وهي تتوسط تلميذاتها «كان أمراً مهماً جداً لي أن أصبح معلمة، إنها طريقتي في القول لهؤلاء الذين اعتدوا علي أنهم لم يربحوا». ولم تتبن حركة طالبان ذلك الاعتداء على شمسية، رغم أنها تجاهر بالعداء لتدريس الإناث، ولم تتمكن السلطات من توقيف الفاعل. لكن أحد المنفذين يقيم في جوار مكان إقامة شمسية، بحسب ما تؤكد الشابة. وتقول «ما زال حراً طليقاً، لذلك فإن كل ما جرى يمكن أن يتكرر، لأنه لم يعاقب، يجب أن يعاقب، وإلا فإن ذلك معناه أنه لا توجد عدالة». وتضيف «وعد الرئيس حامد كرزاي بإعدام المعتدين، وإذا ما سنحت لي الفرصة لمقابلة الرئيس سأسأله لما لم يعاقبهم». وفتحت مدرسة ميرويس نيكا التي تعمل فيها شمسية في العام 2004 بتمويل ياباني، وهي تضم ألان 2600 تلميذة تراوح أعمارهن بين ستة أعوام و20 عاماً. وتدرس شمسية الكتابة والفنون، وتتقاضى 85 دولاراً شهرياً. وبعد وقوع الاعتداء، كانت إدارة المدرسة على وشك اتخاذ قرار بإقفال المدرسة، لكن جهوداً كبيرة بذلت لإقناع الأهالي بعدم سحب أولادهم. وتقول المديرة، دانيش علوي: «اذكر ذاك اليوم، الخوف والرعب والفوضى». وتضيف «إن شمسية تشكل نموذجا للشجاعة بين الفتيات». ومع أن حقوق المرأة تشهد تحسناً نسبياً منذ سقوط نظام حركة طالبان في العام 2001، إلا أن مدينة قندهار ما زالت من أكثر المدن الأفغانية انغلاقاً وتشدداً. ترفض شمسية واقع المرأة في بلادها ومدينتها، وأن تبقى المرأة حبيسة منزلها. وتقول «من خلال التدريس أريد إظهار أن النساء قادرات على فعل الكثير ما هو أهم من الطبخ». وتشارك شمسية في دورة تدريبية للمدرسات، وتقطع لهذه الغاية مسافة ساعتين يومياً لتبلغ جامعة قندهار على متن حافلة تنقلها مع زميلات لها. وتقول مدربتها باهير ماكيمي «إنها مدرسة ناجحة، وهي ستتحسن بالتأكيد». وبات بإمكان الإناث أن يتعلمن في أفغانستان بعد سقوط نظام حركة طالبان، لكن الأوضاع الأمنية والزيجات المبكرة والعادات المحافظة وتردي النظام التعليمي تحول دون تمكن نسبة كبيرة من الفتيات من مواصلة تعليمهن المدرسي.