عندما رفضت الهندية سونالي موخرجي تودد ثلاثة من زملائها الطلاب إليها، أقدم هؤلاء على حرق وجهها بالحمض الكاوي. وبدلاً من أن تتوارى الشابة (27 سنة) عن الأنظار، تقدمت بطلب للظهور في برنامج الألعاب التلفزيوني الأكثر مشاهدة في الهند... وخرجت منه مليونيرة. وتقول موخرجي: «من يستطيع أن يحدق في صورة امرأة جميلة، يستطيع أيضاً النظر إلى وجهي المحروق». وتضيف: «من السهل جداً أن يختار ضحايا الاعتداءات بالحمض الكاوي العض على جرحهم، لكنني قررت أن أواجه وأصرخ عالياً ضد العنف». وسلط الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت لها أخيراً طالبة جامعية على متن حافلة في نيودلهي، وأدى إلى موجة احتجاجات في الهند، الضوء مجدداً على تفاقم العنف ضد النساء في البلاد حيث تعتبر المرأة غالباً مسؤولة عما حصل لها. وتظهر الاحصاءات أن 228650 جريمة عنيفة من أصل 256329 جريمة سجلت السنة الماضية كانت ضد نساء. قبل تسع سنوات، كانت موخرجي طالبة مجتهدة في إحدى جامعات مدينة دانباد - شرق الهند، عندما تسلل ثلاثة طلاب إلى منزلها بينما كانت نائمة، ورشقوا وجهها بحمضٍ كاوٍ بداعي الانتقام. واستخدم المعتدون سائلاً مخصصاً لتنظيف الصدأ. وفقدت موخرجي بصرها وبعضاً من سمعها، على رغم خضوعها ل22 عملية جراحية. وأوقف الطلاب الثلاثة، ووضعوا في السجن الاحتياطي لفترة، لكنهم أخرجوا بكفالة. وتقول موخرجي: «لم يتقبلوا رفضي لهم فقرروا أن يدمروا حياتي». لا تملك الحكومة الهندية إحصاءات قاطعة عن الاعتداءات بالحمض الكاوي. لكن، وفقاً للجمعية الخيرية المتمركزة في لندن «أسيد سورفايفورز ترست انترناشونال»، يتم التبليغ عن حوالى 1500 حالة اعتداء بالحمض الكاوي في العالم سنوياً. إلا أن عدداً كبيراً من الضحايا لا يبلغ السلطات. وتوضح موخرجي أن الحكومة لم تقدم لها أي دعم مادي أو قانوني، وأن عائلتها اضطرت إلى بيع منزلها وأرضها ومجوهراتها وماشيتها لتغطية نفقاتها الطبية. وكتبت الشابة في رسالة إلى الحكومة أنها تفضل الانتحار (الذي يعتبر غير شرعي في الهند) على العيش في ألم دائم. وفي إطار محاولاتها للحصول على تمويل لعلاجها، قررت المشاركة في النسخة الهندية من البرنامج التلفزيوني «من سيربح المليون». وبعد اختيارها من بين المتنافسين، فازت ب2.5 مليون روبيه (45 ألف دولار) إذ أجابت بشكل صحيح على 10 أسئلة. وستستخدم موخرجي المبلغ لنفقات جراحات تجميلية ستخضع لها السنة المقبلة. وتقول إن رسائلها إلى الحكومة لم تنفع، «وعندما فشلت محاولاتي، قررت أن أستغل وجهي». وتعتزم موخرجي استغلال شهرتها لإطلاق حملة لدفع السلطات إلى إصدار قانون خاص بالاعتداءات بالحمض الكاوي، وهي المشمولة حالياً بقانون العنف المنزلي ذي العقوبات الخفيفة نسبياً. في العام 2011، أصدرت باكستان المجاورة للهند، قانوناً ينص على رفع عقوبة الاعتداء بالحمض الكاوي، إلى ما بين 14 سنة والسجن مدى الحياة، إضافة إلى غرامة مليون روبيه باكستانية (10200 دولار) على الأقل. ورفعت المحامية الهندية أبارنا بهات، عريضة طالبت فيها بفرض قيود على مبيعات الحمض الكاوي. وتقول بهات إن «الهند في حاجة إلى قانون جديد يحدد جريمة الاعتداء بالحمض الكاوي، في شكل أكثر وضوحاً وشمولاً، وينبغي تأمين العناية الطبية وإعادة التأهيل للضحايا مجاناً... فالحمض الكاوي سلاح خطر».