في واحدة من أقسى صور التعليم الجامعي يعيش طلاب قسم التربية البدنية في جامعة أم القرى يومياً ظروفاً سيئة ومشاهد مؤلمة في داخل دهاليز القسم الجديد في مقر العابدية، ويعاني أعضاء هيئة التدريس والطلاب الأمرّين من عدم توافر أبسط مقومات التعليم السليم نظرياً وعملياً وسط تجاهل كبير من إدارة الجامعة التي لم تستجب لنداءات الأكاديميين المتوالية في الأشهر الماضية، بحسب وصفهم ل«الحياة». ربما تكون الصور القاسية أبلغ من الوصف، ولكن أن يجلس الطلاب الجامعيون على الأرض المليئة بالغبار ومنهم من يفترش «حذاءه» وسط رداءة التكييف وتصبّب العرق فهذه مشاهدات باتت اعتيادية لطلاب كلية التربية، وحتى القاعات القليلة الخاصة بالطلاب تعاني من سوء النظافة والكراسي المتهالكة التي جلبتها إدارة القسم في سيارات نقل من المبنى القديم في العزيزية. 8 أسابيع لم يدرس فيها طلاب القسم المواد المتخصصة، نظراً لعدم جاهزية المبنى، ما حرم الطلاب من الوصول إلى النسبة الحقيقية من التحصيل العلمي، ليرضخ أخيراً أعضاء هيئة التدريس لمطالبات الطلاب للحاق بفترة الفصل الدراسي قبل انقضائه من دون فائدة ترجى، ويبدأون مغامراتهم المأسوية في سباق يومي نحو حجز القاعات الدراسية، فكل أكاديمي ينتظر طلابه في مدخل القسم ثم يتنقل بهم مسرعاً من قاعة إلى قاعة حتى الوصول إلى المصلى بحثاً عن مكان شاغر لإلقاء المحاضرات، قبل أن يمتثل أكثرهم للأمر الواقع أخيراً ويطالب طلابه بافتراش الأرض وسط ذرّات متراكمة من الغبار في مشهد مؤلم ليقف على رؤوسهم شارحاً لهم الدرس في موقف أشد إيلاماً. «الحياة» رصدت أثناء زيارتها القسم عدداً كبيراً من الملاحظات السلبية المتمثلة في عدم صلاحية مياه الشرب الخاصة، إضافة إلى عدم وجود أماكن للاستراحة بعد الانتهاء من المحاضرات، إذ يتجمع الطلاب في المصلى الخاص بالقسم تأهباً للمحاضرات الأخرى، وسوء نظافة الممرات ودورات المياه، وعدم وجود التجهيزات الكافية في الصالات المغلقة لممارسة الجانب العملي كما يجب. وكانت «الحياة» نشرت تقريراً مفصلاً عن الوضع المتهالك لقسم التربية البدنية في جامعة أم القرى في المبنى القديم في حي العزيزية قبل 7 أشهر من الآن وتحديداً في عددها رقم (18159) الصادر يوم السبت 22 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وقدمت حقائق موثقة من أرض الواقع أسهمت في تجاوب المسؤولين في إدارة الجامعة سريعاً ليتم نقل القسم إلى المدينة الجامعية الجديدة في العابدية، قبل أن يُصدم الأكاديميون والطلاب بالعوائق السلبية التي حطمت جميع أحلامهم وأمانيهم في المباني الجديدة. «الحياة» زارت المبنى الجديد في العابدية والتقت بعضو هيئة التدريس الدكتور يوسف الثبيتي وعدد من الطلاب وكانت لغتهم محبطة ومعنوياتهم محطمة حيال الوضع الراهن الذي يمر به القسم.