ارتفع أمس منسوب التوتر الديبلوماسي بين الجزائر والمغرب بشأن ملف الصحراء الغربية، بعد تبادل الاتهامات بينهما خلال الأيام الماضية. وفي خطوة هي الأولى من نوعها منذ تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحكم، استدعي السفير المغربي لدى الجزائر إلى بلاده للتشاور، في حين عبّرت الحكومة الجزائرية عن «أسفها» لقرار الرباط واعتبرته «غير مبرر»، وقررت عدم مقابلته بالمثل والإبقاء على عمل ممثلياتها الديبلوماسية في المملكة «بشكل عادي». وأفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية أن «هذا القرار يأتي عقب تزايد الاستفزازات والعدائية الجزائرية تجاه المملكة، خصوصاً في ما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية». وأشار البيان إلى الرسالة التي وجهها بوتفليقة الإثنين الماضي إلى اجتماع إقليمي عُقد في أبوجا، دعا من خلالها الأممالمتحدة إلى تضمين بعثتها في الصحراء «مينورسو» مهمة مراقبة أوضاع حقوق الإنسان. واعتبرت الخارجية المغربية أن تلك الرسالة «اكتست طابعاً عدائياً للمغرب وتعكس رغبةً مقصودة بالتصعيد والعرقلة والإبقاء على وضعية الجمود» في الملف الذي سعى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس إلى تحريكه خلال جولة إقليمية أخيراً. ورأت الرباط أن «المضمون الاستفزازي المتعمد والعبارات العدائية للغاية التي تضمنتها الرسالة الصادرة عن أعلى سلطة في الجزائر، تعكس بجلاء موقفها كطرف فاعل في هذا الخلاف، وتكشف بكل وضوح استراتيجيتها الحقيقية القائمة على التوظيف السياسي للقضية النبيلة لحقوق الإنسان». في المقابل، أعربت الخارجية الجزائرية عن «الأسف» لقرار الحكومة المغربية. ورأت في بيان أن «هذا القرار غير المبرر يشكل تصعيداً في غير محله يرتكز على حجج مضللة تمس بسيادة الجزائر»، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجزائر ستبقي ممثلياتها الديبلوماسية في المملكة «تعمل بشكل عادي». ورأت الجزائر أن موقفها المبدئي حول «ضرورة استكمال تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، لم يتغير البتة»، مشيرة إلى أن الخطاب الذي ألقاه وزير العدل الطيب لوح في أبوجا «يجدد التأكيد على ثبات هذا الموقف المعروف والذي يحظى أيضاً بدعم واسع من الاتحاد الأفريقي والبرلمان الأوروبي». وأضاف البيان أن «حملة التهجم المتواصلة على الجزائر التي يشنها بعناد جزء من الطبقة السياسية المغربية والتي تناقلتها وضخمتها وسائل الإعلام الرسمية لهذا البلد، تتنافى وعلاقات الأخوة والتعاون وحسن الجوار التي تربط بين البلدين». وعبرت الجزائر عن أملها في أن «لا يتعدى هذا الفصل المؤسف في مجرى العلاقات الجزائرية-المغربية بُعده الفعلي وأن يتم تجاوزه سريعاً». إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار محادثات مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لوضعها في صورة التطورات المرتبطة باستدعاء السفير المغربي لدى الجزائر و «الاستفزازات التي يتعرض لها المغرب من جانب الجزائر». وأفاد مصدر رسمي مغربي بأن لقاءات مزوار تهدف إلى توضيح أن «سياسة مد اليد المغربية للجزائر لم تفلح في تطبيع العلاقات ولكنها أسفرت في المقابل عن تصعيد غير مسبوق لقادة الجزائر تجاه المغرب». من جهة أخرى، تظاهر العشرات ليل الأربعاء - الخميس، أمام مقر السفارة الجزائرية في الرباط للاحتجاج، ورددوا شعارات مناهضة ل «السياسة الجزائرية التي تعكر جو الأخوة بين شعبي البلدين». في غضون ذلك، أطلع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، أعضاءَ مجلس الأمن في جلسة مغلقة في نيويورك، على تفاصيل جولته في المنطقة، والتي شملت المغرب والجزائر وموريتانيا ومخيمات تيندوف. وورد في بيان صادر عن الأممالمتحدة أن روس اقترح «إطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات»، على أساس «مبادلات ثنائية سرية» بينه وبين باقي أطراف النزاع كلٍّ على حدة». وأعلن روس عزمه العودة إلى المنطقة خلال «أسابيع».