تدرس إدارة الرئيس باراك اوباما أسساً جديدة لاستخدامها القوة في المنطقة تركز على حماية الحلفاء وضمان حركة ناقلات النفط ومحاربة تنظيم «القاعدة» ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، فيما يتوقع أن تتركز أولويات الإدارة على عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والملف النووي الإيراني والوساطة في سورية. وارتأت إدارة أوباما «الجلوس في المقعد الخلفي» والنأي بالنفس حيال ملفات الحروب الأهلية والنزاعات والثورات الداخلية، ومن بينها الوضع في مصر و»ضجيج الربيع العربي» في ليبيا وتونس واليمن. وبعد شهرين من الاجتماعات الأسبوعية في البيت الأبيض لمسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية بإشراف مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وضعت الإدارة استراتيجية جديدة للشرق الأوسط لفترة السنتين ونصف السنة المتبقية على الولاية الثانية لأوباما. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن المراجعة أجريت بطلب من الرئيس الأميركي بما لديه من ثقة كبيرة برايس، التي سلمها منصبها في تموز (يوليو) الماضي للتعاطي بحزم أكبر مع قضايا المنطقة. وكتبت الصحيفة أن المراجعة تتحلى بدرجة عالية من البراغماتية في اعتماد «ثوابت محددة في شرق أوسط متقلب»، ونقلت عن رايس قولها إن «هدف الرئيس أوباما هو تفادي الانزلاق إلى أحداث في الشرق الأوسط تبتلع سياسته الخارجية كما ابتلعت أجندة رؤساء أميركيين سابقين». وزادت رايس «لا يمكن أن نستهلك 24 ساعة يومياً من الجهد في منطقة واحدة مهما كانت أهميتها، والرئيس رأى أنه من المهم أن نعيد تقويم كيف ننظر إلى الشرق الأوسط وفي شكل يتضمن الكثير من النقد». وتبتعد الاستراتيجية، التي لم تسرَّب إلى الرأي العام، عن نهج رؤساء سابقين، خصوصاً جورج بوش الابن، وتحفظ مسافة من مواضيع «نشر الديموقراطية وأجندة الحرية التي طمح فيها بوش وقادته في الحرب على العراق». وتحصر خيارات استخدام القوة ب «الرد على اعتداء ضد الولاياتالمتحدة أو حلفائها، وإحداث خلل في حركة ناقلات النفط، والرد على الشبكات الإرهابية أو أسلحة الدمار الشامل». وتطرح الاستراتيجية أسئلة حول مدى استعداد أوباما للانخراط في تدخلات عسكرية في النصف الثاني من ولايته الثانية، وهو أمر مستبعد في سورية إذا لم تهدد الأزمة أمن الحلفاء، أو تضطر الولاياتالمتحدة إلى مواجهة انتشار سلاح دمار شامل، أو ضرب شبكات إرهابية. أما في مصر والتي شكلت أولوية في نهاية الولاية الأولى وبعد ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، فتعتمد واشنطن لغة المصالح الأمنية والجيوسياسية في التعامل مع الواقع الجديد، مع تجنب حركة الشارع أو التحالف مع القيادة الجديدة. وركز أوباما منذ تسلمه الرئاسة على تحويل السياسة الأميركية نحو تحديات أكبر على المستويين الاقتصادي والعسكري في آسيا، ومنافسة العملاق الصيني، والانسحاب من نزاعات الشرق الأوسط. ويقود وزير الخارجية جون كيري ملف عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، فيما يضع البيت الأبيض ثقله الأكبر في الملف النووي لإيران.