يركض في الملعب حاملاً على ظهره حقيبة بها 100 مليون يورو..! هذا هو حال المسكين غاريث بيل الذي خفت بريقه في إسبانيا، وقلت سرعته عنها في ملاعب الإنكليز، عندما كان يسرح ويمرح مثل النفاثة من دون ضغوط تثقل كاهله. لقب أغلى لاعب في العالم أصبح لعنة تطارد صاحبه ومن شاركوا في هذه الصفقة كلهم، وأولهم بطبيعة الحال رئيس ريال مدريد فلورينتينو بيريز الذي دفع هذا المبلغ الضخم لاستقدام بيل إلى أسبانيا..! من المؤكد أن الوقت ما زال مبكراً للحكم على تجربة بيل مع الريال، لكن حتى يتسنى لنا الوصول إلى حكم واضح، ستبقى الصفقة عبئاً ثقيلاً على بيل وبيريز معاً، ولغزاً عصياً على الحل، لا يعرف ملابساته وأهدافه سوى بيريز وحده..! وربما كان مانشستر يونايتد بإعلانه رغبته في إعادة النجم الويلزي إلى الدوري الإنكليزي خلال فترة الانتقالات المقبلة بعدما وضح عدم انسجامه في الليغا الإسبانية، هو محاولة صيد في الماء العكر، وإعلان سريع عن فشل التجربة.. وحتى يحين موعد فترة الانتقالات، لا أحد يعلم ما سيستجد على الساحة، فربما يكشف بيل في الملعب عن جدارته بهذه الملايين الطائلة التي دفعها بيريز للفوز به، وإن كنت أشك في ذلك..! بينما كنت أتابع مباراة الكلاسيكو بين الريال والبرسا، بخاصة في ساعتها الأولى التي لعبها بيل قبل أن يستدعيه مدربه أنشيلوتي إلى الجلوس جواره على مقاعد البدلاء، لا أدري ما الذي دفعني لتذكر دخان «الشيشة» في العاصمة الأذربيجانية باكو.. فما علاقة بيل و«شيشة باكو»..؟! على ما أظن فإن «حجر الشيشة» في باكو هو الأغلى في العالم.. فبينما يتراوح سعره في المقاه العادية بين 20 و50 يورو، يصل في بعض الأماكن ذات النجوم الخمسة التي يرتادها علية القوم إلى 200 يورو..! نعم 200 يورو يدفعها صاحب المزاج ليس لتدخين الشيشة، بقدر ما هو نوع من التباهي والتفاخر بين أقرانه من الشباب على المقدرة المالية، والتي تجعل المال معها لا قيمة له.. أتصور أن بيريز أيضاً عندما اشترى بيل من توتنهام مقابل 100 مليون يورو، كان هو الآخر مثل مَن ينفث دخان الشيشة ب200 يورو.. لا يهمه سوى إثارة العالم بصفقة سيدوم الحديث عنها طويلاً.. ولو كان دفع المبلغ ذاته في ميسي أو نيمار أو حتى في ريبيري أو إبراهيموفيتش، لربما لم يجنِ هذه الدهشة كما فعل بشرائه غاريث بيل..! وما يعنيني في الأمر هنا، هو قيمة الإنسان ذاته في مثل هذه الصفقة، والتي تحول البشر إلى سلع للتباهي ولفت الانتباه واستعراض المقدرة المالية.. لا أستطيع أن أخفي شعوري بالشفقة على بيل الذي سيجني مع كل مباراة «سخرية» العالم، ومهما قدم من أداء، فلن يقنع أحداً أنه يستحق قيمة المبلغ المدفوع فيه.. وحاله في مباراة البرسا يرثى لها حقاً. قبل أن أختم مقالتي يلزم التنويه بأن «التدخين ضار بالصحة» فلا يتهمني أحد بالترويج له، علماً بأنني أعترف بعدم امتلاك الجرأة لأن أدفع 1000 ريال، لأجل تدخين «حجر شيشة» من التبغ الخالص، كما يفعل بيريز وغيره من المتفاخرين إلى حد السفه..! [email protected]