برلين، لندن - أ ب، رويترز، أ ف ب - يصطدم مسعى البيت الأبيض الى احتواء فضيحة تنصت وكالة الأمن القومي الأميركي على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، بتسريب تفاصيل جديدة محرجة عن القضية، وأنباء متضاربة عن معرفة الرئيس باراك أوباما بها، فيما حضت برلينواشنطن على «محاسبة» الفاعلين. وأربكت الفضيحة البيت الأبيض، إذ إن تداعياتها قد تطاول برامج مكافحة الإرهاب. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مسؤولين في البيت الأبيض غاضبون من أجهزة الاستخبارات الأميركية، مشيرة إلى أن أوباما لم يكن يعلم بالتنصت على مركل الذي بدأ خلال عهد سلفه جورج بوش. ونقلت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس هذه الرسالة إلى نظيرها الألماني كريستوف هوزغين، في اتصال هاتفي مطوّل، وكررت أن البيت الأبيض بدأ مراجعة أدوات برنامج التنصت. لكن صحيفة «بيلد أم سونتاغ» الألمانية نقلت عن مصادر في الاستخبارات الأميركية أن رئيس وكالة الأمن القومي الأميركي كيث ألكسندر أبلغ اوباما العام 2010، بالتنصّت على اتصالات مركل. ونسبت إلى مسؤول في الوكالة قوله إن «أوباما لم يوقف هذه العملية، بل أتاح استمرارها». وأوردت أن أوباما كان يريد الاطلاع على أخبار مركل، مشيرة إلى أن وكالة الأمن القومي لم تُقصر تنصتها على الهاتف الخليوي للمستشارة الألمانية، الذي تستخدمه للتواصل مع حزبها، بل أيضاً على هاتفها الرسمي المشفر. وأضافت أن المعلومات كانت تُنقل مباشرة إلى البيت الأبيض، من دون المرور بالمقر العام لوكالة الأمن القومي. ولفتت الصحيفة إلى أن الخط المباشر المؤمن في مكتب مركل، بقي خارج التجسس الأميركي. في المقابل، أوردت صحيفة «فرانكفورتر الغيمانه تسايتونغ» الألمانية أن أوباما ابلغ مركل أنه لم يكن يعلم بالتجسس عليها، فيما أوردت مجلة «در شبيغل» أن الرئيس الأميركي اعتذر للمستشارة، مؤكداً أنه كان أوقف التنصت عليها، لو علم بالأمر. ونشرت المجلة أنها تملك وثائق من وكالة الأمن القومي الأميركي، تفيد بأن التنصت على مركل بدأ عام 2002، أي حين كانت زعيمة للمعارضة، وكان مستمراً قبل أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي برلين في حزيران (يونيو) الماضي. وتحدثّت «بيلد أم سونتاغ» و»در شبيغل» عن نشاط خلية التجسس في الطابق الرابع في السفارة الأميركية في برلين، قرب مباني الحكومة الألمانية. وأضافت الصحيفة أن وكالة الأمن القومي الأميركي تنصتت أيضاً على غيرهارد شرودر، سلف مركل، بسبب معارضته غزو العراق. ونقلت المجلة عن وثيقة للوكالة أنها «لم تسجّل في شكل قانوني فرعاً للتجسس» في السفارة الأميركية في برلين، لأن كشفه سيحدث «ضرراً ضخماً في علاقات الولاياتالمتحدة بحكومة أخرى». ونسبت «در شبيغل» إلى وثيقة سرية أُعِدت عام 2010 إن فروع التجسس هذه موجودة في نحو 80 مكاناً في العالم، بينها باريس ومدريد وروما وبراغ وجنيف وفرانكفورت. وأوردت صحيفة «ذي ميل أون صنداي» أن الولاياتالمتحدة استخدمت قاعدة جوية في بريطانيا، بمعرفة مسؤولي المملكة المتحدة، للتنصت على المكالمات الهاتفية لمركل وعشرات من القادة الآخرين. الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي كايتلين هايدين أكدت ل «الحياة» أن «مسؤولين ألماناً سيزورون واشنطن قريباً» لمناقشة فضيحة التنصت، مشيرة إلى أن «الحكومة الأميركية تتطلّع إلى لقائهم». واستبق وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش وصول أولئك المسؤولين إلى واشنطن، قائلاً: «التجسس جريمة ويجب محاكمة من يمارسه». وأبلغ صحيفة «بيلد أم سونتاغ» أنه يريد «معلومات كاملة حول كل الاتهامات»، مضيفاً أن : «اعتراض الأميركيين اتصالات خليوية في ألمانيا، انتهاك لقانون ألماني على ارض ألمانية». في غضون ذلك، يمثل ثمانية متهمين مرتبطين بقضية صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» البريطانية التي أغلقت عام 2011، اليوم أمام القضاء في إطار فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية التي هزّت الامبراطورية الإعلامية لروبرت مردوك. والمتهمان الأساسيان في القضية، ريبيكا بروكس وإندي كولسون، وهما رئيسا تحرير سابقان للصحيفة، كانا مقرّبين من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون. وكان كولسون مستشاراً سابقاً لكامرون، كما أن متهماً ثالثاً هو شارلي بروكس، زوج ريبيكا بروكس، هو صديق قديم لرئيس الوزراء البريطاني.