حينما يتنقل المشاهد في السعودية بين قنوات بلاده يجد قنوات شعبية تعرض حفلات خاصة لملاك تلك القنوات وأقاربهم الذين يستعرضون ويتفاخرون في مناسباتهم برقصاتهم الشعبية، ما جعل نسبة مشاهدة تلك المحطات تنخفض يوماً بعد آخر، كونها لم تجدد الموروث الشعبي وتقدمه بطريقة تليق بتاريخ كبير في الجزيرة العربية. وبعد سبعة أعوام من دخول القنوات الشعبية الفضاء، لم تجد تلك المحطات في الوقت الحالي من يشاهدها باستثناء العاملين فيها، ما جعل تجربتها تبوء بالفشل الذريع في المنافسة والحضور التلفزيوني. الأسباب التي أدت إلى عزوف المشاهد المغرم بالشعر الشعبي عن متابعة قنواته المفضلة يعود إلى تكرار البرامج وضعف أداء المذيعين الشعبيين باستثناء واحد أو اثنين، وكذلك عرضها أمسيات تسيء إلى الشعر والشعراء، وتقديمها أسماء ضعيفة لا ترتقي إلى الظهور أمام الملأ. وعلى رغم الضعف المهني في معظم القنوات الشعبية، إلا أن القائمين عليها لا يزالون صامدين في الحضور الإعلامي ومزاحمة كبرى المحطات العربية الإخبارية في الفضاء، من خلال فتح قنوات إضافية وتقديم مسابقات جوائزها بملايين الريالات، وعرض مسيرات للإبل وتصوير فيديو كليبات. ويرى مدير تحرير مجلة «العرّاب» حامد البراق أن القنوات الشعبية لم تظهر من جلبابها الشعبي باستثناء قناة أو اثنتين، ما جعلها تفقد المشاهدين الذين اندفعوا لمتابعتها قبل أعوام عدة. ويقول البراق ل«الحياة»: «ضعف نسبة مشاهدة القنوات الشعبية في الوقت الحالي له أسباب عدة، أبرزها الأحداث السياسية في المنطقة، وكذلك عدم التجديد في البرامج لدى الغالبية العظمى من القنوات الشعبية، والضعف المهني لدى العاملين في مجال الإعلام الشعبي»، مشيراً إلى أن القنوات الشعبية تحتاج إلى التطوير والتجديد من خلال تقديم برامج تخدم المجتمع، وعدم ظهور الشعراء المبتدئين على شاشتها، وكذلك إبعاد حفلات الأعراس من خريطة برامجها. ويضيف أن هناك إعلاميين في القنوات الشعبية مميزون بمهنيتهم العالية كالمذيع زبن بن عمير وعبدالله حمير القحطاني اللذين يظهران بين الفينة والأخرى في برامج شعرية قوية، على العكس تماماً من زملائهم الذين يفتقدون إلى المهنية والحضور الجيد على الشاشة. والتدهور المهني للغالبية العظمى من القنوات الشعبية دفع شعراء معروفين إلى مقاطعتها وعدم الظهور فيها، خشية النقد القاسي الذي سيطاولهم في حال الوجود في تلك المنابر، كونها أصبحت مرتعاً للغث والسمين في الشعر الشعبي، إذ يؤكد الشاعر سليمان المانع أنه لا يتابع قنوات الشعر، إلا بالمصادفة أو بعد اتصال من صديق لمتابعة حدث معين، ويكتفي عيضة السفياني بقوله: «قنوات الشعر تعمل بلا خطط». يذكر أن القنوات الشعبية يصل عددها إلى 10 محطات، اكتسحت الفضاء أثناء انطلاقتها قبل سبعة أعوام، كونها عرضت أمسيات شعرية للمرة الأولى، وأظهرت قصائد بطريقة الفيديو كليب، لكنها دخلت في المعترك الفضائي ببرامج شعرية متخصصة، بعضها توقف وأصبح في دائرة النسيان، ويتهمها مشاهدون بتأجيج العنصرية من خلال رسائل «إس إم إس» على شاشتها، وقصائد المدح التي تبث مع عروض الإبل أثناء مهرجان مزاين أم رقيبة، وإذاعة حفلات خاصة تتضمن فن «القلطة» الذي يصل فيه الشعر إلى الاستهزاء بالآخرين.