بعد مخاض عسير، بدأت مساء أمس جلسات الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين في تونس لإنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر، وذلك بعد حسم جدل استمر لأسابيع حول استقالة الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية وتحمِّلها المعارضة مسؤولية تردي الوضع الأمني والاقتصادي. ووجّه رئيس الحكومة علي العريض صباح أمس، رسالةً خطيّة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) وباقي المنظمات الراعية للحوار، أعلن فيها «تعهد الحكومة الاستقالة بعد ثلاثة أسابيع كما تنص خارطة الطريق الخاصة بالحوار الوطني». وتراجع العريض بذلك عن شرط المصادقة على الدستور الجديد والقانون الانتخابي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل استقالة حكومته، والتزم بخارطة الطريق من دون أي شرط، بعد تفاقم الوضع الأمني واتساع التظاهرات المناهضة له، واقتحام مقرات ل «النهضة» وحرق أخرى في عدد من المحافظات. في المقابل، أعلنت «جبهة الإنقاذ» المعارضة قبولها تعهد رئيس الحكومة الاستقالة. وصرح القيادي في الحزب الجمهوري المعارض أياد الدهماني بأن «قوى المعارضة تعتبر أن ما جاء في رسالة علي العريض يستجيب مطالبها ومطالب الرباعي الراعي للحوار، وعلى الفرقاء السياسيين الانطلاق في تطبيق خارطة الطريق عبر اختيار شخصية وطنية مستقلة ترأس الحكومة الجديدة». ورأى القيادي في الائتلاف الحاكم محمد بالنور (عن حزب التكتل العلماني) أن «على الفرقاء السياسيين الانطلاق في تطبيق بنود خارطة الطريق التي تستوجب استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة في غضون ثلاثة أسابيع»، مشدداً على ضرورة عودة المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) إلى العمل للانتهاء من المصادقة على الدستور الجديد والقانون الانتخابي وانتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتنص خارطة الطريق المقترحة من المنظمات الراعية للحوار على «القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة، ولا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة لتحل محلّ الحكومة الحالية، وتكون لها الصلاحيات الكاملة لإدارة شؤون البلاد». كما تشدد المبادرة على ضرورة التوافق لتكليف «شخصية وطنية مستقلة» تولي رئاسة الحكومة في مهلة أقصاها أسبوع من تاريخ انطلاق الحوار، وعلى أهمية تشكيل حكومة الكفاءات المستقلة في مهلة أقصاها أسبوعان من تاريخ تكليف رئيس الحكومة العتيد. وأعلن نائب رئيس المجلس الوطني التأسيسي العربي عبيد، أن مكتب المجلس أكد في اجتماعه أمس ضرورة تسريع إنجاز الأعمال المرتبطة بالمسار التأسيسي، خصوصاً ما يتعلق بتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات واستكمال التوافقات حول مشروع الدستور والعمل لإنجاح الحوار الوطني. وأعرب عبيد عقب الاجتماع عن أمل المجلس التأسيسي بعودة النواب المنسحبين في أقرب وقت لكي يتمكن من استكمال مهماته. في غضون ذلك، جُرح شخص واعتُقل ثلاثة في العاصمة التونسية بعد رفضهم الامتثال لأوامر الشرطة بالتوقف. وأفادت الداخلية التونسية في بيان بأن رجال أمن «اشتبهوا بسيارة يقودها شاب ثمل برفقة مجموعة من الأشخاص، وأمروا سائقها بالتوقف لكنه لم يمتثل لأربع دوريات متتالية، ما اضطُر الوحدات الأمنية إلى إقامة حاجز ووقف السيارة. وخلال عملية إنزال الركاب، أبدى السائق مقاومة وحاول السيطرة على سلاح أحد عناصر الأمن، ما تسبب في خروج طلق ناري أصابه، ونُقل لتلقي الإسعافات». وتابعت الوزارة أن أربعة أوقفوا. ونفذت وحدات من الحرس الوطني (الدرك) حملة أمنية في منطقة سيدي علي بن عون في محافظة سيدي بوزيد (وسط غربي البلاد) التي شهدت مقتل خمسة عناصر من الحرس الوطني في اشتباكات مع متشددين. واعتقلت العناصر الأمنية 15 مشبوهاً في التورط بالعمليات المسلحة.