دعت منظمة العفو الدولية السلطات الليبية إلى ايجاد حلول مستدامة على وجه السرعة، تضع حداً للنزوح القسري المستمر لعشرات الآلاف من التاورغاء وغيرهم من المجتمعات التي هُجّرت من ديارها إبان النزاع المسلح في عام 2011. وقالت المنظمة إن جميع أهالي مدينة تاورغاء، البالغ عددهم نحو 40 ألف نسمة، نزحوا من ديارهم قسراً على أيدي جماعات مسلحة من مصراتة اتهمتهم بدعم حكومة الزعيم السابق العقيد معمر القذافي، فيما استمر التمييز وعمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي للتاورغاء، والذين يواجهون التهديدات والهجمات الانتقامية على أيدي ميليشيات وضعت نفسها فوق القانون، فيما تخاذلت السلطات الليبية عن ضمان عودتهم الآمنة وحالت بصورة متكررة دون عودتهم إلى منازلهم لأسباب أمنية. وأضافت أن إجمالي عدد الأشخاص المهجّرين داخلياً في مختلف أرجاء ليبيا وصل إلى نحو 65 ألف نازح، وهم إلى جانب التاورغاء من أبناء قبيلة المشاشية التي تقطن جبال نفوسة، وأهالي سرت وبني وليد والطوارق من أهالي غدامس أيضاً. غير أن أبناء التاورغاء، وهم من أصول إثنية ليبية من ذوي البشرة السوداء، من أشد هذه الجماعات معاناة. وأشارت المنظمة إلى أن هناك ما يربو على 1300 من التاورغاء في عداد المفقودين أو المعتقلين أو أخضعوا للاختفاء القسري وبصورة رئيسية في مصراتة، وقُبض على معظمهم من قبل الميليشيات وأُخضعوا للتعذيب ولغيره من صنوف سوء المعاملة، كالصعق بالصدمات الكهربائية والجلد والضرب المتكرر بقضبان معدنية وخراطيم المياه أثناء اعتقالهم. وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "رغم انقضاء سنتين على النزاع في ليبيا، ما زال التاورغاء وغيرهم من المجتمعات المهجرة ينتظرون العدالة لما عانوا من انتهاكات، وما زال العديد منهم يواجهون التمييز ويعيشون في مخيمات تفتقر إلى الموارد والخدمات دونما أفق منظور للحل". وأضافت صحراوي "لا يمكن تصديق أن يُطلب من ضحايا الانتهاكات التخلي عن حقهم في العودة الآمنة، بينما لا يتصدى أحد لتهديدات الميليشيات وسواها، ومطالب أهالي مصراتة للمساءلة عن جرائم الحرب في مدينتهم أمر مبرر، ولكن لا يمكن أن تكون العدالة انتقائية وأن يعاقب مجتمع بأكمله بهذه الصورة الجماعية". وحثّت منظمة العفو الدولية السلطات الليبية على التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري والتعذيب دون تمييز، بما في ذلك ضد الضحايا الذين ينظر إليهم على أنهم من أنصار القذافي، والتشاور مع مجتمعات التاورغاء لدى مناقشتها أية حلول ترمي إلى تلبية حاجاتهم وحقوقهم ومصالحهم المشروعة. وقالت إن ليبيا تواجه في الوقت الراهن أسوأ أزمة سياسية وأمنية منذ نزاع 2011، وجرى تقويض حكم القانون وسط انتشار لحالة من انعدام الأمن والاعتقالات التعسفية وعمليات الاختطاف والهجمات على المؤسسات الحكومية على أيدي ميليشيات ذات صلة بالدولة.