ارتبطت رغبات السعوديين وأحلامهم التي يستحيل تحقيقها بالمثل الشعبي «إذا حجّت البقرة على قرونها»، إذ يرمي بها إلى عالم المستحيل بنوع من الطرافة وخفة الدم، في إطار الردود اللبقة لرد صاحب الطلب بين العامة، فعوضاً عن الاعتذار من تحقيق الطلب الذي قد يؤثر نفسياً على صاحبه في حال عدم القبول، يتفنن السعوديون بقلبه من موقع الحرج إلى الفكاهة والضحك. ويظل المثل الشعبي محفوراً في ذاكرة السعوديين الذي اعتادوا على سماعه منذ صغرهم، وخصوصاً من الأم التي كثيراً ما تردد «إذا حجت البقرة على قرونها»، بهدف التخلص من أسئلة أبنائها، وللتعبير عن الاستحالة في تنفيذ مطالبهم، فأم بدر أفحمها طفلها بسام (5 أعوام) بكثرة الأسئلة عن موعد ذهابه إلى منزل جدته فردت عليه: «إذا حجت البقرة على قرونها»، ولكنها لم تتخلص من سؤاله لتقع في فخ سؤال آخر: «يمّه متى تحج البقرة على قرونها». وعلى رغم تاريخ المثل الشعبي القديم الذي يعود أصله إلى مناطق الحجاز (غرب البلاد)، طبقاً لما أورده معجم «الأمثال الشعبية في مدن الحجاز» للكاتب فريد عبدالحميد سلامة، لم يختص بسكان مدنها بل خرج إلى المناطق السعودية كافة، ليصبح دارجاً في حياتهم العامة، وينتشر خارج إطار الأسرة بين الطلاب في الجامعات والموظفين في القطاعات الحكومية والخاصة بمثابة التخفيف من ألم الحرمان والانتظار. وشكّلت عبارة: «إذا حجت البقرة على قرونها»، صدمة لدى بشرى فهد طالبة الصف الأول ثانوي عندما بادرت بسؤال صديقتها في الصف «غزيل» أثناء حصة العلوم بقولها: «متى نصبح مثل الصين نصطحب هواتفنا المحمولة معنا في المدرسة، وتتحول كتبنا إلكترونياً على لوح (آيباد)»؟ لتجيبها: «إذا حجت البقرة على قرونها». وتسرب المثل إلى المدارس، إذ ربطت مديرة مدرسة (تحتفظ «الحياة» باسمها) تأمين وزارة التربية والتعليم تكييفاً في ممرات المدرسة الداخلية وتحويل الساحات إلى مغلقة ومكيفة للطالبات ب«إذا حجت البقرة على قرونها»، بخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف من كل عام. وقرن خالد الغامدي توقيت اكتمال مشاريع الدولة لبعض الوزارات الخدمية التي ينتظرها المواطن منذ أعوام ولم تنجز، وأخرى تم ترسيتها وتخصيص موازنة لها ضمن موازنة الدولة المعلنة كل عام ب«حج البقرة على قرونها»، إذ يستحيل تحقيقها في الفترة الزمنية المحددة، لاسيما أن غالبها مضى عليه زمن ولم تبدأ الوزارة في التنفيذ، ولعل مشروع عقبة الملك عبدالله في منطقة الباحة أشهرها، إذ نفذ بعد 20 عاماً بصبغة متهالكة وخطرة على مرتادي الطريق. وفي الوقت نفسه، يؤكد سلطان القحطاني أن المثل الشعبي «إذا حجت البقرة على قرونها»، يتطابق مع إيجاد خدمة عملاء في عدد من الأجهزة الحكومية في شكل منظم، عبر تسلسل رقمي يحدده النظام في المصارف وشركات الاتصالات، التي ما زالت تتم بفوضى تستنزف أوقات المواطنين الذي يتركون أعمالهم لإنجاز معاملة. وبمجرد وضع المثل في خانة محرك البحث «غوغل» تظهر 15 ألف نتيجة، جاء منها تاريخ المثل من حيث النشأة وتفسير معناه والمواضع التي يستخدم فيها.