لكل حقبة زمنية لونها وطعمها ورائحتها، ولكل جيل «لزماته» أو ما يسمى عند أهل المسرح «إفّيه» تخرج هكذا دون مقدمات، وقد لفت نظري مؤخراً انتشار ثقافة «البقر» هذه الثقافة تنثر الأسئلة التي تعبت أمنيها بالإجابة، وهي ثقافة شعبية تؤصل الموروث الثقافي وتجلد الذات بسخرية سوداوية مشبعة بالتشاؤم. ثقافة «البقر» جاهزة للرد على أي سؤال يعني «تفهمها وهي طايرة»... إذا سألت عن وصول شبكة القطارات لكل مدن السعودية ودول الخليج قالوا لك إذا «حجت البقر على قرونها» وإذا سألت متى يعتمد وزير الإسكان مشاريع إسكان لعسير أسوة ببقية المناطق قالوا لك إذا «حجت البقر» ولو ذهبت بعيدا وسألت عن قطرة ماء من وزير المياه بدل المشروع الذي سحبه عنوة في وضح النهار ستأتيك الإجابة الحادة المدببة كوخزات شوك الكلام «إذا حجت البقر». وفي ناحية أخرى لو «مريت مرور الكرام» على قوائم «حافز» وخطة وزارة العمل للحد من تنامي هذه القوائم وهل هناك مجالات توظيف تخفف من الرقم المفزع قبل حفل التخرج في محرم المقبل سيقول لك أقرب مسؤول في الوزارة إذا «حجت البقر» حتى المجالس المحلية والمجالس البلدية في كل منطقة يتسابقون على حفلات التوديع والاستقبال ويرتزون في الحفلات من ضمن المعازيم لأنهم حلّوا جميع العوائق المطروحة وتركوا تناتيف يمكن يحلونها إذا «حجت البقر»! تدرون: ليتنا من حجنا سالمين، وليتنا نتجاوز ثقافة «البقر» والعربة والحصان، والباب والسور والحارس (ثقافة الأمم تقاس بشاعرها لا ثقافة بقرها)!