"تراحم القصيم" توقع اتفاقية لتقديم خدمات قانونية لمستفيديها    تجمع القصيم الصحي: مستشفى البدائع يواصل خدماته الصحية    مؤشرات البورصة الأمريكية تغلق على ارتفاع    مسيرة الخير والعطاء    «الإيقاف» يهدد كادش والمالكي    نجوم الأخضر يتعاهدون على «النصر» أمام البحرين    الاضطرابات في البحر الأحمر تنعكس سلباً على التجارة العالمية    وزير البلديات والإسكان يتفقد عدداً من المشاريع البلدية بالقصيم    288 سعودية يباشرن 8 آلاف قضية يومياً.. إخلاء العقارات و«العمالية» في الصدارة    التكنولوجيا الحيوية.. هل تخفض الوفيات المبكرة إلى النصف بحلول 2050 ؟    خزان «الفيب» يحول السجائر الإلكترونية إلى الوفاة    رؤوس «دش الاستحمام» و«فرش الأسنان» خطر قاتل.. احذروهم !    المدير العابر للأجيال    افتتاح معرض وظائف 2024 بالمنطقة الشرقية    طرح تذاكر عرضَي «كراون جول» و«WWE RAW»    الأخضر تحت 21 عاماً يتغلّب على الإمارات في ختام المعسكر الإعدادي    العين يطرح تذاكر نخبة آسيا .. و5% من سعة الملعب لجماهير الهلال    وزير الصناعة يناقش تعزيز التعاون التعديني وحلول الطاقة النظيفة في إيطاليا    هل ننتظر حرباً إقليمية؟    الرئيس المَلاك!    تنمية المسؤولية المجتمعية مطلب ديني وطني    أنين الاختناق المروري !    نائب أمير المدينة يرعى الحفل الختامي ل «معسكر ورث»    تفريغ الأوطان.. إعادة تشكيل الديموغرافيا    روسيا تسيطر على قرية ليفادني الأوكرانية    إسرائيل تصطاد المدنيين    أمير القصيم يدشن ويضع حجر الأساس لمشاريع جديدة بتكلفة4 مليار ريال    الريان القطري : تذاكر مواجهة الأهلي السعودي متاحة الآن في نخبة آسيا    أستراليا تسعى لقلب الطاولة على اليابان    تعليم الطائف يدشن حملة للكشف المبكر عن السرطان    تكريم التشكيلية السعودية نوال العمري في «هوليوود الترفيهية» بشرم الشيخ        تكريم 300 مدرسة متميزة على مستوى المملكة    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 270 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    «أخضر الريشة» ينتزع 11 ميدالية في غرب آسيا    أمير حائل يهنئ مدير مكافحة المخدرات    مباحثات تنموية بين أمانة الرياض ومجلس التخطيط العالمي للمدن    منتدى «عبقر» الشعري ينظم أمسية شعرية في جدة    أمسية «اقتصاد المسرح».. تسلط الضوء على حوكمة القطاع    المملكة تدعم «الأونروا»    شركات التكرير المجرية تعلن اعتمادها على النفط الروسي حتى 2026    اتفاقية في مجال الطاقة بين المملكة والفلبين    استمرار هطول الأمطار حتى الجمعة المقبل    70 دولة في ملتقى الصحة العالمي بالرياض    أمير الرياض يتسلم تقرير الأمن الصناعي.. ويطلع على جهود الجمعيات الأهلية    وزارة الإعلام تعلن عن النسخة الخامسة من جائزة التميُّز الإعلامي2024    أمير القصيم يؤدّي صلاة الميت على محافظ عنيزة السابق    استئصال 30 ورمًا ليفيًّا من رحم سيدة في مستشفى الرس    "فرع الإفتاء جازان": ينظم مبادرة "الشريعة والحياة" بالكلية الجامعية بمحافظة جزر فرسان    وفد البرلمان العربي برئاسة "العسومي" يشارك في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف    " نسك" أول منصة سعودية تتيح خيار التخطيط والحجز وعيش تجربة العمرة أو الحج    صحة الشرقية تنظم ملتقى "أمان" للحد من الكوارث    محمية الملك سلمان تحتفل بتسجيلها في القائمة الخضراء    جازان: مساجد بلا صيانة.. مَنْ المسؤول ؟    استعدادات لمسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية في موريتانيا    ابنة الرويشد: أبي تخطى الخطر ويستعد للعودة    صديقي الوزير    أمير الشرقية يعزي أسرة الدوسري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"غيرنيكا" ومذابحنا التي لم يرسمها أحد
نشر في الحياة يوم 10 - 11 - 2014

لعل لوحة "غيرنيكا" هي من أشهر اللوحات السياسية في القرن العشرين، رسمها بيكاسو بعدما علم بقصف الطائرات الألمانية بلدة غيرنيكا في إقليم الباسك الثائر، شمال أسبانيا، عام 1937. حينذاك، تعاون الجنرال فرانكو و قواته المساندة للملكية مع سلاحي الطيران الحربي الألماني والإيطالي على قصف منطقة تدعم الثوار إبان الحرب الأهلية الأسبانية. قتلت القنابل الأطفال والنساء ودمّرت البيوت والمباني الأثريّة في البلدة .
غدت اللوحة الّتي تشبه الجريدة أو المنشور بيانًا للمذبحة، تعرّف عنها، تحكي وجع أهلها وتجسّد ثورتهم، مؤكدةً أنّ الموت عابر للأماكن والأزمنة. لكنّ البشر، على ما يبدو، مصرّون دومًا أن يخذلوا الأرض ويرووها بالدماء، حتّى بات لا يسود فيها سوى الموت، فبعد أكثر من سبعين عامًا على مذبحة غيرنيكا لا تزال هذه الأرض تنزف. فلسطين، سورية، العراق وأنحاء كثيرة من المعمورة التي اجتاحتها الحروب، جميعها يشبه واقعة غيرنيكا. لعلّها تختلف بتفاصيلها، لكنّ المأساة واحدة. ألم يحن الوقت بعد ليرسم أحد مذابحنا، ليروي أحد ألمنا وليختصر بخطوطه مأساة شعب؟ قد نكون ما زلنا ملازمين للموت، غير مستعدين لوداعه لاننا لم نرسمه بعد. ربّما عندما نرسمه يموت إلى الأبد.
هل مجزرة صبرا و شتيلا أقلّ جُللاً من مذبحة "غيرنيكا"؟ المجازر غير قابلة للمقارنة ولا الضحايا تطمح بأن يتنافس بعضها مع بعض. ولكن، لماذا اكتفينا ببضعة صور في الجرائد ومقاطع فيديو تبثّها نشرات الأخبار، ولم نصغ لوحة ناطقة كتلك الّتي رسمها بيكاسو، لوحة استطاعت أن تشرك الناس فيها وكأنّهم عاشوا الواقعة بتفاصيلها.
مجحف تاريخنا إذ يتناسى أسماء كناجي العلي ويوسف عبدلكي وعلي فرزات وغيرهم ، عبّر كلّ منهم على طريقته عن ماّسي شعبه واّماله، وفي أحيان كثيرة، حاولوا إحياء القضيّة وتصويب مسارها.
إذًا المسألة ليست أنّ القدر لا يأتينا مع كلّ حدث أليم فنانًا بحجم بيكاسو ينجز هكذا إبداع فذّ ويصيغ بخطوط سوداء و بيضاء معاناة شعب. ولكنّ الخوف كلّ الخوف أن تكون مذابحنا أماتت فينا كلّ بريق وأنّ أوجاع الروح هذه لم تعد قادرة أن تحمل ترف الإبداع أو أن تطلق العنان لنفسها؟ الخوف كلّ الخوف أن نكون قد فرغنا... فرغنا حتّى من أنفسنا.
أخذ ناجي العلي باستشهاده كلّ نكبات فلسطين ولم يترك لنا سوى حنظلة ليذكّرنا بأنّه هو وحده، ناجي العلي، قادر على مواجهتنا بالهزيمة وإحياء بعض الأمل فينا، أمّ أننّا رضخنا للأنظمة القمعيّة الّتي لا تريد أن يذكر أحد بشاعتها؟ لكنّ التّاريخ مخلوق ماكر، دهاؤه بلا حدود. عندما قطع النّظام السّوري أصابع رسّام الكاريكاتيرعلي فرزات، كان يراهن على أنّ فعلته هذه سيمنع أيّ توثيق لفظائع يرتكبها بحق الشّعب السّوري. ولأنّ ذاكرة الإنسان خائنة، وجب وجود الفنّ، الفنّ كمقاومة لخيانة الذاكرة.
بعدما رسم الفنّان المكسيكي سيكييروس جداريّة "تروبيكال أميركا" في لوس أنجليس، إثر نفيه من بلده لكونه مشاغبًا سياسيًّا، عمدت السلطات الأميركية إلى محوها بطلاء أبيض، لكونها تجسّد وجع الهنود الحمر، السكان الأصليين الذين أبيدوا على يد الإسبان . وكذلك فعلت السّلطات المصريّة بالغرافيتي الّذي أبدعه المصريون عقب ثورة "25 يناير".
ربّما يكون ثمة بيكاسو داخل كل منّا، نحن النّازفين على هذه الأرض. كلّ منا يرسم مكونات ألمه وثورته وهزائمه. كلّ منّا يرسم جزءًا من لوحة منتظرة. فهل مَن يجمع أجزاءنا؟
* مدرسة "الحياة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.