في منى، يتجمع أكبر عدد من «الحلاقين» في فترة زمنية محددة، ليس لها مثيل في أي مكان في العالم، لتتحدى الأرقام قائمة غينيس للأرقام القياسية. مئات الآلاف من ماكينات الحلاقة، وأضعافها من أعداد الشفرات «الموسى»، يمسك بها ممتهنو «الحلاقة»، وحتى غير ممتهنيها للتحلل من الإحرام أول أيام عيد الأضحى المبارك، مشهد لا يتكرر إلا مرة واحدة في السنة، في مشعر منى، وتأتي المفارقة في إمساك بعض النسوة بالشفرات لقص شعر أزواجهن ومحارمهن. أول أيام العيد في مشعر منى، إحدى الحالات النادرة التي يكون فيها المهنيون السعوديون الملاذ الآمن للحاج، إذ تعمل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على إعداد شبانها الملتحقين بتخصصات الحلاقة، على تنفيذ عمليات «حلاقة آمنة»، لا يشوبها الجروح أو تتبعها الندوب، وبحسب رئيس اللجنة التنفيذية لبرامج تشغيل المتدربين في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني المهندس عبدالحق سندي، فإن 150 حلاقاً سعودياً محترفاً شذبوا شفراتهم لتلتقي برؤوس الحجيج، جهزت لهم أماكن على مساحة 900 متر مربع، في ساحة البيعة، تخضع لأنظمة أمانة العاصمة المقدسة، وجهاز الدفاع المدني، ومزودة بعيادة طبية. 1100 كرسي للحلاقة في مواقع مختلفة من المشاعر المقدسة، غالبيتها توجد بالجوار من جسر الجمرات، وتشرف عليها أمانة العاصمة المقدسة، التي تطمح هي الأخرى في تنفيذ حلاقة آمنة لجل الحجاج. ويشير المدير العام لصحة البيئة في أمانة العاصمة المقدسة الدكتور محمد الفوتاوي إلى أن إدارته تراقب عن كثب جميع عمليات الحلاقة التي تتم، والتأكد من توافر عوامل السلام والأمان الصحي، بهدف منع ومحاصرة الأمراض التي تتسبب بها السلوكيات الخاطئة لبعض الحجاج، أو الحلاقين. أكثر من 1.5 مليون حاج، مخيرين بين قص شعرهم كاملاً، أو تقصيره، الأخير يلجأ إليه عدد ممن تراوده «فوبيا» النظافة، لا سيما وهو في طريقه إلى الموقع المخصص للحلاقين في مشعر منى، يدفعه الخوف من منظر الكم الهائل من الشفرات الملقاة على قارعة الطريق، وبعضها تفضحه «نقاط من الدم» جنباً إلى جنب مع خصلات شعر تحكي «موزاييك» الشعوب التي مرت من هنا، ألوان وأنواع مختلفة لا يجمعها سوى جمع أكبر قدر من «الحسنات» بقدر عدد الشعرات التي تتم حلاقتها. «موس أو الماكينة» سؤال تقليدي يتردد على كل من يرغب في التوجه إلى صالون الحلاقة، لكنه يزداد اليوم بتزايد عدد الحجاج الراغبين في خدمات الحلاقة، بيد أن المعلومات الطبية ترجح استخدام «الماكينة» لمحافظتها على فروة الرأس، وعدم نشر الأمراض التي قد يعاني منها البعض.