في المشاعر المقدسة، وفي منى على وجه التحديد، يمكن للمرء أن يرى أنواعاً من الأعمال التي يمارسها الشاب السعودي والمرأة على السواء، فالشبان السعوديون في منى يقبلون على مهنة الحلاقة بحرفيّةٍ عالية، شأنهم في ذلك شأن كل من يريد اكتساب رزق حلال من عمل يديه. وحول عمل الشبان السعوديين في مهنة الحلاقة، أكد رئيس مجلس التدريب التقني والمهني في منطقة مكةالمكرمة الدكتور راشد الزهراني ل «الحياة» أن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تشارك سنوياً في خدمة ضيوف الرحمن، وتأتي هذه المشاركات من خلال برامج عدة تدعمها خلال فترة الحج، ومن أبرزها برنامج (الحلاقة) وهو مجمع للحلاقين السعوديين الشبان يقع في منطقة الجمرات. وقال الزهراني: «سجل في برنامج (الحلاقة) أكثر من 130 سعودياً بين 15 و30 عاماً يمتهنون الحلاقة ويعملون تحت إشراف مدربين، كما أنهم يحملون شهاداتٍ مهنية في التخصص ذاته، إذ إنهم أكملوا المهارات الأساسية التي يجب أن يحصلوا عليها في قسم الحلاقة». وأوضح أن حماس الشبان واندفاعهم في هذا العمل وحبهم له، خصوصاً أنهم خريجو المعاهد الصناعية التقنية من قسم الحلاقة، مؤكداً أن مركز الحلاقة يعمل ضمن الاشتراطات الصحية التي تشترطها أمانة العاصمة المقدسة في ما يتعلق بالحلاقة. وأضاف: «أدوات الحلاقة تستخدم لمرة واحدة لكل حاج وهذه تسمى ب «الحلاقة الصحية الآمنة»، لافتاً إلى أن عدداً من الحجاج شجعوا الشبان وعبروا عن فخرهم، «الشبان السعوديون يستطيعون الآن العمل بأي مهنةٍ شريفة وسد حاجة السوق السعودي». من جانبه، أوضح أحد العاملين في مركز الحلاقة الشاب عيسى اللحياني (29 عاماً) أن العمل في موسم الحج شاق لكنه ممزوج بالمتعة، ولا يخلو من الفائدة، «فالالتقاء بعددٍ من الحجاج والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم أمرٌ جيد، إنه مهنة توفر الكثير من المال ويتمنى من يجربها الاستمرار فيها، وأتمنى شخصياً أن أمتلك محلاً للحلاقة في المستقبل فهي مهنة رائعة ومنتجة». أما ساري سراج (15 عاما) فهو متمرس في المهنة: «تعلمت منذ ثلاثة أعوام، وأنا سعيدٌ بتعلمي لها»، مشيراً إلى أن مقدار الدخل اليومي له يتراوح من 4000 إلى 5000 ريال، «ففي اليوم الواحد قد أقوم بحلق رؤوس 300 شخص»، ومع صغر سنه إلا أن مفاوضاته مع الحجيج وأسلوب تعامله معهم يعكسان مدى خبرته ومعرفته بعمله. من جهة أخرى، أوضح طبيب عيادة في الكلية التقنية بمكةالمكرمة الدكتور محمد عبدالرازق ل «الحياة» أن اجراء الحلاقة في الطرقات والأماكن المكشوفة وغير النظيفة يتسبب في انتشار كثير من الأمراض، «قد ينتقل فايروس «سي» أو أي أمراض أخرى تجد سهولة في الانتقال للأجسام بسبب هذه السلوكيات غير الصحية»، موضحاً أن الأمواس تقوم بجرح الحجيج في رؤوسهم ويحصل تلوث لتلك الجروح عندما تكون في أجواء ملوثة ولا تجد العناية اللازمة. وفي ما يتعلق باستخدام الموس للحلاقة، وهل هو أفضل من استخدام «الماكينة»؟، أجاب: «قد تسبب الحلاقة بالموس اقتلاع جذع الشعر، وقد يتسبب بالجروح، وهذا غير جيد لفروة الرأس، كما أن الموس ينقل التلوث أو القشر الموجود في الشعر من مكانٍ إلى آخر في شعر الرأس، أما «الماكينة» فهي لا تقوم بذلك، وهي آمنة بكثير من الناحية الصحية، والمعلومة الشائعة عند الكثير أن الموس أفضل من الماكينة هي معلومة خاطئة». وفي أي موضع سوى منى، يندر أن ترصد العين امرأة تقوم بمهمة الحلاقة لزوجها، أو التقصير لامرأة أخرى، إلا في محال «الكوافير» المغلقة، وليس في الهواء الطلق، وبهذه البساطة المتناهية كما يحدث في منى. وقالت أم محمد (حاجة مصرية) في ما يخص ممارستها الحلاقة: «رأيت زوجي مضطراً للدخول في طابورٍ طويل من أجل الحلاقة، ولدي الآلات المناسبة لذلك، فقمت بأداء هذا الأمر تلقائياً، مثلما أقوم بأي عملٍ منزلي، كما أن النساء يتبادلن قصّ الشعر بطريقة عفويّة، ولا نتعامل معه على أنه مهنة أو كسب، وليس من المعقول أن نؤخر التحلل المشروع من أجل البحث عن شخصٍ متخصص في مهنة التقصير، ومقصاتنا بين أيدينا».