تعتبر (الحلاقة) أو قص الشعر إحدى شعائر الحج التي لايمكن للحاج بدونها أن يتحلل من لباس الإحرام بعد رمي الجمار في أول أيام عيد الأضحى المبارك. والحلاقة أفضل من التقصير استجابة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي دعا للمحلقين ثلاث وللمقصرين مرة واحدة، وقد قامت أمانة العاصمة المقدسة ضمن منظومة الخدمات التي تقدمها بالاهتمام بهذا الجانب على صعيدين أولهما خدمي والآخر صحي فجهزت هذا العام حوالي 22 موقعا للحلاقة تحوي (2300) كرسي مجهزة وموزعة في مشعر منى ويتركز السواد الأعظم منها حول جسر الجمرات، أما الجانب الآخر فهو الجانب الصحي الذي أولته أهمية كبيرة حرصا على سلامة الحجاج وامنهم الصحي فأطلقت هذا العام ولأول مرة حملة (الحلاقة الآمنة) وذلك منعا لانتشار الأمراض المعدية التي تنشر بواسطة أمواس الحلاقة كالإيدز والكبد الوبائي (ب، ج) وغيرها من الامراض الخطيرة بالإضافة لتركيزها على الجانب التوعوي والإرشادي..(الندوة) استطلعت آراء مسؤولي الامانة والصحة والمطوفين عن هذه الحملة ومدى فائدتها وأهمية تعاون مؤسسات الطوافة والحجاج مع هذه الحملات في إطار الاستطلاع التالي: مبادرة صحية يبتدر الدكتور محمد أمين هاشم مدير عام صحة البيئة بأمانة العاصمة المقدسة الحديث قائلا: لاشك أن الأمانة هذا العام قامت بإطلاق مبادرة جديدة تطبق لأول مرة في مشعر منى وهي حملة الحلاقة الآمنة والتي سبق وان طبقت في صوالين الحلاقة بمكةالمكرمة والتي تدعو إلى تعزيز ثقافة استخدام الأدوات الشخصية لكل شخص في الحلاقة وهو مادفع الامانة إلى اعتمادها في موسم حج هذا العام حيث جهزت الأمانة بالتعاون مع ثلاث شركات كمية تتراوح من خمسين ألفاً إلى مائة ألف كيس للحلاقة يحوي كل كيس على فرشاة حلاقة وموس يستخدم لمرة واحدة فقط بالإضافة لمشط ويباع بسعر في متناول الجميع يتراوح ما بين 3 إلى 5 ريالات وهو موجود عند مواقع الحلاقة في مشعر منى بالإضافة لوجود منافذ لبيع هذه الأكياس حول جسر الجمرات من خلال عربات وغيرها، واستدرك هاشم حديثه قائلا: ولكننا في نفس الوقت استبعدنا في هذه الأكياس استخدام أي مواد كيميائية حتى لاتتسبب لبعض الحجاج بالحساسية وخلافه، كما عرضنا موس الحلاقة على شيخ طائفة الحلاقين للتأكد من مدى جدوى استخدامه وأفادنا بصلاحية وجودة استعماله. وحول عدد المواقع التي خصصت للحلاقة في مشعر منى قال هاشم: تم تامين هذا العام حوالي 22 موقعاً وصالونا للحلاقة 17 موقعا منها مركزة عند جسر الجمرات والبقية موزعة في أرجاء منى وإجمالي عدد الكراسي في مشعر منى ككل حوالي (2300) كرسي للحلاقة، وأبان الدكتور محمد أنه تم استقطاع حوالي 300م من مساحة صوالين الحلاقة حصريا لطلاب الكلية التقنية المتخصصين في مهنة الحلاقة من السعوديين وذلك لدعمهم وتحفيزهم في هذا الموسم المهم، أما بقية المواقع فقط طرحت للاستثمار من قبل أصحاب صوالين الحلاقة في مكةالمكرمة. رقابة مشددة وحول الرقابة على هذه المواقع قال الدكتور محمد: حرصنا على تشديد الرقابة على عمل الحلاقين والمواقع للتأكد من نظافتها وسير العمل بشكل صحي وآمن واستعنا بحوالي مائة طالب من الكلية الصحية كمراقبين إضافيين لأنه يوجد لدينا في الأصل حوالي (250) مراقباً صحياً داخل مسطح منى بالكامل منهم 100 مراقب منتدبون من وزارة الشؤون الصحية وأمانات المملكة وهذا العدد تقريبا كاف للرقابة على كافة الأمور الصحية داخل مشعر منى خصوصاً أن عمل الحلاقين مقصور في الغالب على أول أيام عيد الأضحى المبارك، لذلك نحن نقدم الجانب التوعوي على الجانب العقابي ونحاول ان نقدم النصيحة عبر المراقبين المنتشرين في مشعر منى لكل من نراه يخالف التعليمات الصحية في الحلاقة، كما أن الأسعار في متناول الجميع ولاتخرج عن عشرة ريالات للشخص الواحد، وأضاف هاشم: الهدف من حملة (الحلاقة الآمنة) هي منع إنتشار الأمراض من خلال مخالفة التعليمات الصحية واستخدام أمواس الحلاقة لأكثر من مرة، فاستخدام المغلفات الآمنة تقي بإذن الله من عملية انتشار الأمراض، ولفت هاشم إلى أنه في حالة وجود مخالفات من قبل الحلاقين المنتشرين في منى فإنه يتم مخالفتهم وتغريمهم مشيراً إلى أن الأمانة قد منحت تصاريح لكل حلاق موجود سواء في مشعر منى أو في مكةالمكرمة وشهادات صحية تثبت خلوه من الأمراض السارية والمعدية، كما أن هناك تعاوناً وتنسيقاً مع وزارة الشؤون الصحية لأخذ عينات عشوائية منهم قبل الحج للتأكد من عدم إصابتهم بامراض مفاجئة قبيل الحج بأيام، إضافة لذلك فهناك جولات دائمة عليهم بالتعاون مع وزارة الشؤون الصحية للتأكد من سير عملهم بالشكل المخطط له وضمن قواعد السلامة الصحية وذلك لتحقيق سلامة وامن الحاج الصحي. وحول إمكانية زياد عدد الكراسي ومدى كفايتها لاعداد الحجاج المتزايد قال الدكتور هاشم: قمنا هذا العام بتزويد المساحة ولكننا محصورون بمساحات ضيقة في منى خصوصا حول جسر الجمرات، إضافة لذلك فإن بعض الحجاج يتعجلون في رمي الجمار وبعضهم يتجه لمكةالمكرمة للحلاقة وهناك قسم آخر يقوم بتقصير شعره بدلاً من الحلاقة، والبعض الآخر من كبار السن والإناث الذين لا يقصدون مواقع الحلاقة بمنى، وأضاف هاشم: ونحن نسقنا مع المطوفين لاستقطاع أماكن في مخيماتهم وتخصيصها للحلاقة إن أمكن ذلك بالإضافة لإرشاد الحجاج وتوعيتهم بعدم إستخدام أمواس الغير والتأكد من نظافة من يحلقون عنده حرصا على سلامتهم. وختم الدكتور محمد حديثه قائلا: وهناك متابعة دائمة ومستمرة لسير العمل من قبل لجان صحية شكلها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس لجنة الحج المركزية للتأكد من سلامة الحجاج الصحية وعدم وجود أي أمراض معدية تكدر صفو الحجاج وتهدد آمنهم وسلامتهم الصحية التي نحرص عليها كثيراً. توعية الحجاج ومن جانب إرشادي قال الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني مدير إدارة مكافحة العدوى والتعقيم المركزي وبرنامج النفايات الطبية بصحة جدة: الحلاقة خاصة باستخدام الشفرات أو ما يعرف بالأمواس هي حلاقة آمنة طالما كان استخدام تلك الشفرات بشكل فردي، حيث إن حدة تلك الشفرات تسبب بعض الخدوش والجروح الدقيقة في فروه الرأس والتي قد تتلوث ببعض قطرات الدم غير المرئية و التي قد تحتوي بداخلها على بعض الفيروسات التي تنتقل عن طريق الدم مثل فيروس نقص المناعة وفيروسات الكبد الوبائي بنوعيه (ب، ج)، وأضاف: وفي حالة استخدام تلك الشفرة المستخدمة للتو لحلق رأس شخص آخر وصل حديثاً يتم أثناء الحلاقة وبنفس الطريقة السابقة حدوث اتصال مباشر بين نقطة الدم السابقة على الشفرة وبين دم الشخص الآخر الذي أتى للحلاقة عند حصول أي خدوش في رأسه كنتيجة طبيعية لحدة الشفرات، لذا فان توفير عدة الاستخدام لمرة واحدة والتي تشمل الموس وفرشاة الحلاقة والمشط للبيع من خلال حملة الحلاقة الآمنة هي بادرة تشكر عليها أمانة العاصمة. وتابع الدكتور حلواني: ويا حبذا لو تقوم مؤسسات الطوافة بتوعية حجاجها للخطر الكامن في الحلاقة بنفس الشفرة بين أكثر من حاج و ما هي الأمراض التي قد تنتقل عن طريق الشفرات والاشتراطات الواجب إتباعها لضمان سلامتهم من خطر العدوى، كما يجب توجيههم حيال استخدام شفرات جديدة قبل أي حلاقة، وأعتقد أن المسئولية تقع أيضاً وبشكل كبير على بعثات الحج نفسها خاصة للدول غير العربية لضمان سلامة حجاجهم، وأخيراً قد يكون للوحات التوعية المختلفة اللغات بجانب أماكن الحلاقة الدور المفيد في تثقيف وتوجيه الحجاج إلى حد كبير خاصة لمن يجيد القراءة منهم. أما بخصوص عدد كراسي الحلاقة والبالغ عددها ألفا كرسي بحلاقيها قال حلواني: يظهر لدينا بأن العدد الموفر غير كافٍ، وبعملية حسابية مبسطة، وبافتراضية أن كل حاج يستغرق من الوقت خمس دقائق لإتمام عملية الحلاقة فذلك معناه أنه خلال ساعة واحدة تتم الحلاقة لأثني عشر حاجاً، وإذا عمل الحلاق الواحد لمدة عشر ساعات متواصلة فإنه يتمم الحلاقة لمائة وعشرين حاجا في تلك المدةً. أي أن ألفي حلاق لهم القدرة على حلق مائتين وأربعين ألف حاج فقط في غضون العشر ساعات من عدد قد يتجاوز المليون والنصف إن لم يزد، هذا إن كان العمل بصورة متصلة وبسرعة و كفاءة واحدة وعليه فهناك حاجة ماسة لزيادة عدد الحلاقين من قبل الأمانة لضمان سير العمل، وأضاف الدكتور محمد: كما إن هناك نقطة مهمة جدا وهي هل تم توفير أعداد كافية من الحاويات الخاصة بالنفايات الحادة للتخلص من الأمواس المستخدمة؟ أم أنها تلقى في أكياس النفايات العادية؟ حيث إن إلقاء المواد الحادة في أكياس النفايات تلك يسهل التقاطها مرة أخرى واستخدامها من قبل الحجاج ضعيفي التثقيف الصحي أوقد تعرض البعض الأخر لخطر التعرض للإصابة بالجروح والخدوش لذا وجب التحذير من ذلك! نشر المواقع وحول رأى المطوفين في الحملة ودورهم فيها تحدث المطوف عبدالواحد برهان سيف الدين رئيس مجموعة مطوفي حجاج إفريقيا قائلا: للمطوفين دور فعال ومؤثر في التوعية حيث قمنا هذا العام بتكثيف التوعية وإرشاد الحجاج حول أهمية الالتزام بحملة الحلاقة الآمنة من خلال استخدام الشفرات لمرة واحدة وعدم تكرار الاستعمال لئلا يصاب الحاج بالأمراض المعدية والخطيرة، وأضاف سيف الدين: كما وجهنا الحجاج للالتزام بالأماكن المخصصة للحلاقة بمشعر منى وطالبنا روساء البعثات والمجموعات بتوجيه الحجاج لهذه الأمور وكثفنا هذه الحملات في أماكن سكنى الحجاج، واستدرك سيف الدين كلامه بقوله: ولكن في نفس الوقت لايمكن أن نخصص أماكن خاصة بالمخيمات لضيقها وعدم وجود شواغر نستطيع من خلالها وضع أماكن خاصة للحلاقة، وطالب سيف الدين بتكثيف المواقع في جميع مشعر منى ونشرها في أماكن مختلفة وزيادة عدد الكراسي حتى يستطيع جميع الحجاج سواء القريبين من جسر الجمرات أو البعيدين عنه من الاستفادة من هذه الخدمة المهمة، وختم سيف الدين كلامه قائلا: وتبقى جهود الأمانة مشكورة في جميع المجالات ومن ضمنها حملة (الحلاقة الآمنة) التي أطلقت هذا العام.