جائزة «نوبل» للاقتصاد التي سيُعلن الفائز بها غداً، ستمنح عالم اقتصاد أو أكثر مكانة مرموقة ولو أنها لا تضمن له أن يلقى رأيه آذاناً صاغية لدى المسؤولين عن السياسة الاقتصادية الذين يتجاهلون نظريات الاقتصاديين او يعجزون عن تطبيقها. وأضيفت الجائزة إلى مجموعة جوائز «نوبل» والتي تُعرف رسمياً ب «جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية تكريماً لذكرى ألفرد نوبل». وستختتم هذه الجائزة موسماً كرّم هذه السنة في الفيزياء البلجيكي فرنسوا انغليرت والبريطاني بيتر هيغز، لأعمالهما حول «بوزون هيغز»، وفي الكيمياء الأميركي النمسوي مارتن كاربلوس والأميركي البريطاني مايكل ليفيت والأميركي الإسرائيلي آرييه ورشيل، المتخصصين في وضع النماذج المعلوماتية للتفاعلات الكيماوية، وفي الآداب القاصة الكندية أليس مونرو، وفي السلام منظمة حظر الاسلحة الكيماوية. ويتصدر اقتصاديون أميركيون هذه السنة أيضاً أسماء المرشحين لجائزة الاقتصاد بعدما كان 17 من الفائزين العشرين في السنوات العشر الاخيرة أميركيين. وبعدما كافأت اللجنة في 2012 نظرية «الألعاب» التي تدرس حسابياً طريقة اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الاقتصاد والتي تعتبر حقلاً ثانوياً في العلوم الاقتصادية، فقد تعود هذه السنة إلى مسائل محورية أكثر تتعلق بالاقتصاد الكلي. ومن المرشحين في هذه الحالة روبرت بارو وبول رومر اللذان تناولا النمو في أعمالهما. ويُحتمل أيضاً ان تُفضل اللجنة تكريم المالية، مع ترجيح منظري الاسواق يوجين فاما وكينيث فرينتش، او خبراء المالية السلوكية اندري شلايفر وروبرت فيشني وروبرت شيلر. ويختار ستة أكاديميين سويديين الفائز. وقال أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة «أوكسفورد»، افنر اوفر، إن «جائزة نوبل للاقتصاد معترف بها كذروة الانجاز الفكري في العلوم الاقتصادية». غير أنها لا تفتح للفائزين بها بين ليلة وضحاها أبواب مراكز القرار الاقتصادي ليصبحوا مستشارين مرموقين وهم انفسهم لا يسعون حكماً إلى ذلك. وقال رئيس قسم الاقتصاد في «بنك هاندلسبانكن» السويدي، يان هاغستروم، إن «البحوث الاقتصادية التي كافأتها جائزة نوبل غير قابلة للتطبيق لدى الذين يصنعون السياسة الاقتصادية، أو يُتعذّر تطبيقها بسبب مشاكل محددة، مثل البحث عن طريقة عمل الأسواق». ويشير هاغستروم بذلك إلى الفائزين للعام 2012 الأميركيين آلفن روث ولويد شابلي، اللذين اقترحا من ضمن طروحاتهما نظاماً يحدد الطريقة الفضلى للتوفيق بين العرض والطلب، ويشرح نظرياً كيفية منح الأعضاء او ايجاد أفضل زوج لكل فرد من مجموعة تراوح بين عشرين ومئة شخص، غير أنه لا يحدد وسيلة لإيجاد وظيفة لعشرين أو مئة ألف عاطل من العمل. وفي مواجهة مثل هذه المعضلة، سيميل رؤساء الحكومات للعودة إلى الفائزين بالجائزة للعام 2010 بيتر دايموند ودايل مورتنسن وكريستوفر بيساريدس. فأعمال علماء الاقتصاد الثلاثة هؤلاء حول سوق العمل ونقاط تصلبه تعتبر مرجعاً في هذا المجال غير انها لم تسمح لدايموند مثلاً بالدخول إلى «مجلس الاحتياط الفيديرالي» الاميركي. وبعدما اختاره الرئيس الاميركي باراك اوباما، واجه تعيينه معارضة لا يمكن الالتفاف عليها من جانب جمهوريين في مجلس الشيوخ. وقال ريتشارد شيلبي الذي تزعم المعارضين لتعيين هذا الباحث والاستاذ في معهد «مساتشوستس للتكنولوجيا»: «ان يكون الواحد فائزاً بجائزة نوبل لا يعني أنه يمتلك المواصفات لأي وظيفة». وعلى الجهة الأخرى للمحيط الاطلسي، كان يجدر الاستماع إلى أحد الفائزين بالجائزة عام 2011، عالم الاقتصاد الكلي كريستوفر سيمز الذي انتقد منطقة اليورو عام 1999 معتبراً أن لديها «مظاهر محاولة لإنشاء بنك مركزي وعملة لا يملكان سلطة مالية موازية خلفهما». وبعد 11 سنة جاءت الأزمة اليونانية لتؤكد صوابية آرائه. ويرى أوفر أن من الطبيعي أن ينظر السياسيون بتشكيك إلى البحوث الاقتصادية وهم يتعاطون مع الأزمات يومياً. وقال: «ما هو موضع إعادة نظر ليس جمال العمل الخلاّق في العلوم الاقتصادية او الصحة الكامنة فيه، وهي ممتازة، بل صحته الخارجية، إلى أي حد يحدثنا عن الاقتصاد الفعلي، وقدرته على مدّ السياسات العامة بالمعلومات. ويشير عالم الاقتصاد السويدي كلاس إيكلوند الذي عمل مستشاراً للحكومة إلى كل نقاط الغموض الكامنة في الابحاث في مجال العلوم الاقتصادية، حتى أفضلها. ويقول: «إن بناء نموذج اقتصادي عمل معقد. واختباره يستغرق وقتاً. وحتى لو كان مجدياً في بلد ما في فترة محددة، قد نلاحظ أنه لا يعمل في بلد آخر».