يعمل الفنان الفرنسي جيرار فوزيه على إنجاز منحوتة خاصة تحمل اسم «المحبة والسلام»، ينفذها على جذع شجرة زيتون فلسطينية عمرها بضعة آلاف من السنين. يقول: «أستقبل هذه الشجرة بفخر كبير، لما تحمله من ذكريات للشعب الفلسطيني. وسأعمل جاهداً لابتكار منحوتة تعبر عن تضحيات هذا الشعب». واحتفلت منظمة «يونيسكو»، بالتعاون مع جامعة بيت لحم واللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، ببدء تنفيذ مشروع فوزيه. وستتخذ المنحوتة شكل خريطة فلسطين على جذع الشجرة العتيقة. وانتُزعت بقايا الشجرة من منطقة بيت جالا القريبة من مدينة بيت لحم، والتي تشتهر بزيتونها وزيتها الأغلى في الأراضي المحتلة، لجودته وفرادة طعمه. لكن الشجرة الفلسطينية القديمة تكاد تكون مجهولة، إذ إن كثيرين لا يعرفون تاريخها، مع أنهم يسمونها «شجرة سيدنا أحمد البدوي»، كما يؤكد المهندس الزراعي نادي فراج الذي عبر عن خشيته من اقتلاع الشجرة بفعل مشاريع الاستيطان الإسرائيلية المنتشرة في المنطقة. ويلفت فراج الذي ينشط مع متطوعين أجانب لمساعدة المزارعين في مواجهة التحديات المريرة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن خبراء يابانيين فحصوا الشجرة بأدوات خاصة وقدروا عمرها بنحو 5500 سنة. ويشير المسن عبد الله عبد ربه، وهو من القرية، إلى أن حكايات كثيرة تنسج عن شجرة البدوي، وان السكان المحليين يخشون التعرض لها بسوء مثل قصف غصن منها، أو استخدام ثمارها، ويلجأون إلى قطف سبع ورقات من الشجرة، لاستخدمها في وصفة توضع تحت رأس المريض. ويوضح أن اسم الشجرة يُنسب إلى أحمد البدوي، وهو رمز صوفي معروف، ويقع قبره في مدينة طنطا المصرية الساحلية، وكان له أتباع كثر في فلسطين. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ ان الفنانة التشكيلية الفلسطينية المقيمة في أميركا سامية حلبي (65 سنة)، والتي استوحت أعمالاً كثيرة من أشجار الزيتون، قدمت مع مجموعة من الفنانين الأميركيين واليابانيين أخيراً، عملاً فنياً مستوحى من شجرة الزيتون الموغلة في القدم والمثقلة بالحكايات. وعرضت حلبي رسومها التجريدية المستوحاة من «شجرة البدوي» في معارض في مدن أميركية وخارج الولاياتالمتحدة، مستخدمة تقنيات فنية متنوعة في نقل روح الشجرة إلى أعين زوار معرضها، بينها القماش والورق والبوليستر. وجاءت هذه المشاريع الفنية إما بمبادرات فردية أو في إطار دعم المشاريع الثقافية الفلسطينية من منظمة «يونيسكو». ويرى إسماعيل التلاوي رئيس «اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم»، أن اختيار شجرة زيتون تجاوز عمرها ألف سنة في مشاريع فنية يؤكد عمق تجذر الشعب الفلسطيني في أرضه، «وأن يُنجز فنان عالمي وسفير للنوايا الحسنة ل»يونيسكو» هذا العمل الفني في جذع هذه الشجرة، عمل يحمل دلالات رمزية تاريخية وذات بعد إنساني للشعب الفلسطيني المحب للعدل والسلام»، لافتاً إلى أن جامعة بيت لحم ستحتضن العمل الفني خلال فترة إنجازه، لينقل بعدها إلى المتحف الوطني لدى السلطة الفلسطينية.