غيَّب الموت مساء أمس المطرب والملحن اللبناني وديع الصافي عن عمر ناهز 92 عاماً، بعد تعرضه لوعكة صحية نقل إثرها إلى مستشفى «بيل فو» في المنصورية. وأكدت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، وفاة الصافي، واصفة إياه بأنه «عملاق من عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي»، وقالت إنه كان «موجوداً في منزل ولده طوني في المنصورية» حين تعرَّض للوعكة «عند السابعة والنصف»، قبل أن ينقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة. وتناقلت مواقع إلكترونية لصحف لبنانية مساء أمس خبر وفاة الصافي، ونعت صحيفة «النهار» ونشرت خبراً تحت عنوان «لبنان يخسر عملاقاً.. وداعاً وديع الصافي»، مشيرة فيه إلى أنه أغنى «المكتبة الموسيقية بكثير من الأعمال التي نهل منها الفن الجميل والملتزم». وقالت إن للراحل «بصمات لا تُمحى في الفن والغناء والموسيقى والمسرح والطرب اللبناني الأصيل». وكان لوديع فرنيس، الشهير بوديع الصافي، دور رائد في ترسيخ الغناء اللبناني وفنه، وفي نشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد. ولد الصافي بحسب «ويكيبيديا في قرية نيحا الشوف في 24 يوليو من عام 1921م، وأصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في لبنان فقط، بل في العالم العربي أيضاً، واقترن اسمه بلبنان وجباله. وعاش طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان. وفي عام 1930م، نزحت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، فكان الماروني الوحيد في جوقتها والمنشد الأول فيها، وبعدها بثلاث سنوات، اضطر للتوقف عن الدراسة، لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في إعالة العائلة. وامتدت مسيرة الصافي في عالم الفن نحو 75 عاما، بدأت سنة 1938م، حين فاز بالمرتبة الأولى لحناً وغناءً وعزفاً، من بين أربعين متسابقاً، في مباراة للإذاعة اللبنانية، عن أغنية «يا مرسل النغم الحنون». وتتلمذ في إذاعة الشرق الأدنى، التي كانت له بمنزلة معهد موسيقي، على يد ميشال خياط وسليم الحلو، اللذين كان لهما أثر كبير في تكوين شخصيته الفنية. وبدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية. ولعب الشاعر أسعد السبعلي دوراً مهماً في تبلور أغنية وديع الصافي، فكانت البداية مع «طل الصباح وتكتك العصفور» سنة 1940م. والتقى الصافي محمد عبدالوهاب، لأول مرة، سنة 1944م، حين سافر إلى مصر. وفي سنة 1947م، سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل، التي أمضى فيها ثلاث سنوات، قبل أن يعود ويطلق أغنية «عاللوما»، فذاع صيته بسبب هذه الأغنية. ويُعد الصافي أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة باللهجة اللبنانية بعدما طعمها بموال «عتابا» الذي أظهر قدراته الفنية. وفي سنة 1952، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، فرزق بدنيا ومرلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد. وفي أواخر الخمسينيات بدأ العمل المشترك بين عديد من الموسيقيين من أجل نهضة الأغنية اللبنانية، انطلاقاً من أصولها الفلكلورية، من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم. مع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976م، ومن ثم إلى بريطانيا، ليستقر سنة 1978 في باريس. وكان سفره اعتراضاً على الحرب الدائرة في لبنان، مدافعاً بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة. وخضع في سنة 1990م، لعملية القلب المفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء، فعلى أبواب الثمانين من عمره، لبى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه، مع المغني خوسيه فرنانديز وكذلك المطربة حنين، فحصد نجاحاً أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل. يحمل الصافي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، إلا أنه يفتخر بلبنانيته، ويردد أن الأيام علمته بأن «ما أعز من الولد إلا البلد». شارك وديع في عدة مهرجانات غنائية، وأفلام سينمائية بينها «الخمسة جنيه» و«موال» و«نار الشوق»، وغنى لعديد من الشعراء، خاصة أسعد السبعلي ومارون كرم، ولعديد من الملحنين أشهرهم رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، رياض البندك، ولكنه كان يفضل أن يلحن أغانيه بنفسه.