طوال عقود، خصّصت أجهزة الاستخبارات في أميركا وأوروبا وروسيا مكاتب وأجهزة لتقصّي ظاهرة الأطباق الطائرة وتصويرها ومحاولة التواصل مع روّادها المتوهّمين. وتطوّرت أجهزة الرصد أرضيّاً وفضائيّاً، وبينها مئات من الأقمار الاصطناعيّة التي تعمل على مدار الساعة، في الطقس الجيد كما في الطقس الماطر أو العاصف. ولم تلتقط هذه الأجهزة دليلاً على ظاهرة ال «يوفو»، ما جعل مقولة زيارة الأطباق الطائرة، حكاية وهمية نشأت ونمت ونشرت بالإشاعات والتخيلات، بل ربما الآمال أيضاً. وبغية إسدال الستار على تاريخ من الشكوك والأقاويل بخصوص موضوع الأطباق الطائرة، واحتراماً للحقائق العلميّة، بدأت الدول الغربية حسم مواقفها تجاه هذا الموضوع. وفي العام 2009، خلصت الجهات العسكرية البريطانية إلى أن هذه المركبات لا تشكل تهديداً أمنيّاً، مرجّحة عدم وجودها أصلاً، وفق ما جاء في وثائق بقيت سرية قبل تعميمها في أواخر حزيران (يونيو) 2013. وكان مسؤولون في مكتب التحقّق من مشاهدات الأطباق الطائرة في الدولة الإنكليزية، طالبوا القيادات العليا بإغلاق هذا المكتب، إيماناً منهم بأن الموضوع لا يعدو كونه وهماً. وبعدها، أغلقت وزارة الدفاع خطاً هاتفيّاً كانت خصّصتهلاتصالات الجمهور بهدف الإبلاغ عن مشاهدات الأطباق الطائرة. ابحث عن «سي أي إي» في سياق متّصل، اعترفت «وكالة الاستخبارات الأميركية» («سي آي إي») باستخدام منطقة «روزويل» التي اشتهرت تحت اسم «المنطقة 51» وعُرِفَت طويلاً بوصفها موقع هبوط الأطباق الطائرة والمخلوقات غير- الأرضيّة! وسمتها الوكالة «الأرض السريّة لاختبار الطائرات»، وتقع على بعد 130 كيلومتراً شمال غربي «لاس فيغاس». واختارت «سي آي إي» هذا الموقع النائي في صحراء «نيفادا» لاختبارات سريّة عن طائرات قاذفة استراتيجية من نوع «يو 2» تتميّز بقدرتها على التحليق في الطبقات العليا من الغلاف الجويّ، وذلك في نيسان(أبريل) 1955، لذا أُشير إلى «روزويل» على خرائط المؤسّسات العسكريّة الأميركية باسم «المنطقة 51». وطُوّرت مهمة ال «يو 2»، بصورة بالغة السرية في خمسينات القرن الماضي، بهدف التجسّس على الاتحاد السوفياتي من ارتفاع شاهق. إذ حلّقت «يو 2» على ارتفاع 18200 متر، فيما لم يزد الارتفاع الذي تصل إليه طائرات النقل الجوي المدني عن 6 آلاف متر في ذلك الوقت. وأخيراً، أجرت «آني جاكوبسون»، الكاتبة في صحيفة «لوس أنجليس تايمس»، مقابلات حول «المنطقة السريّة 51» مع عشرات من الطيارين السابقين والمهندسين والجواسيس. ووصلت إلى استنتاج واضح مفاده بأن رحلات الطائرات من نوع «يو 2» واختبار طائرات سريّة أخرى هناك في وقت لاحق، بما فيها طائرة الاستطلاع «إيه 12» الأسرع من الصوت A- كانت سبباً في السريّة التي رعتها الحكومة حول المنطقة المذكورة. وخلصت جاكوبسون إلى أن ما اعتقد بأنه «يوفو» سقط في «روزويل» كان في الواقع طائرة من روسيا كان على متنها أطفال بعمر 13 سنة مشوهين وراثياً! إذن، لم تكن حادثة «روزويل» إلا جزءاً من السباق التناحري في الفضاء بين أميركا وروسيا، وكانت على ما يبدو، محض اختلاق من «سي آي إي»، نجح في رسم خيال مُضخّم عن «المنطقة 51». والجدير بالذكر أن هذه الحادثة تقع زمنياً في عزّ السباق إلى التسلّح بين حلفي «الناتو» و»وارسو» وكثرة المشاريع السرّية والتجارب على تطوير الطائرات الحربية والتجسسية، ثم السباق إلى الفضاء، حيث أطلق الاتحاد السوفياتي قمره الاصطناعي الأول «سبوتنيك» بعد أعوام قليلة من حادثة «روزويل» الشهيرة.