على غرار ما حدث للكورنيش الشمالي في جدة قبل افتتاحه بيوم وما طاله من تخريب من قبل بعض طلاب المدارس، يتكرر المشهد في متنزه الملك عبدالله ب"الملز"، إذ تداول مغردون عبر "تويتر" صور لأشكال العبث التي طالت المتنزه بعد أقل من خمسة أيام من تدشينه، وبدى من خلال الصور عبث الأطفال بالنوافير الصغيرة، وتوقف نافورة الملك عبدالله عن العمل، وتكسير بعض مقاعد الجلوس، واقتلاع الأزهار. وتساءل مغردون عبر "هاشتاق" "إيقاف نافورة الملك عبدالله"، الذي ضم أكثر من 34 ألف تغريدة، عن عدم استفادة "أمانة الرياض" من تجربة الكورنيش الشمالي في جدة، وذلك بتجهيز المتنزه بحراسات أمنية وكاميرات مراقبة لمنع أيدي العابثين من تحطيم الممتلكات التي كلفت الدولة ميزانيات ضخمة، فيما قال كثير من المغردين أن هذه التصرفات البذيئة التي تخدش الذوق العام، تحتاج إلى مزيد من الجرعات التثقيفية ابتداءً من الأسرة إلى المدرسة والمجتمع. وباعتبار أن من "أمن العقوبة أساء الأدب" أكد البعض أن من يقوم بالتخريب هو نفسه الشخص الذي يحترم جماليات المدن خارج السعودية، ولكن ما يدفعهم للتخريب هنا هو عدم وجود قوانين صارمة تردعهم، مثل الغرامات المالية، وقال أحد المغردين: "إذا طلعوا دبي صاروا عاقلين مرة ويحترمون الممتلكات العامة، في دبي هناك قانون صارم وهنا الدنيا سايبة"، مضيفا أن الاعتداء على المرافق العامة جريمة معاقب عليها بموجب نصوص نظام مباشرة الأموال العامة، متسائلاً "من يطبق هذا النظام؟". وكتب المذيع التلفزيوني صلاح الغيدان بأن الواجبات آخر ما يفكّر فيه البعض، بينما يجتهدون وبقوّة في طلب الحقوق، مستنكراً أن يستشهد أحدهم بغرامات دبي الصارمة بينما لا يتقبل صرامة نظام "ساهر"، وطالبت الشاعرة سكون بوضع غرامات وعقوبات لكل من يقوم بالتخريب، مستشهدةً بحديقة الحيوان في الرياض التي طبقت نظام الأمن لردع المخالفين. ومن ناحية أمنية تساءل الكاتب في صحيفة "الحياة" عبدالعزيز السويد عن غياب إدارة المتنزه والحراسة عن هذا العبث، قائلاً: "مشروع كلف أكثر من مئة مليون ريال، أليس له إدارة وحراسة، أم انتهت المسؤولية بحفل الافتتاح!؟" ورأى البعض أن ما حدث يعود في الأساس إلى التربية والثقافة التي نشأ عليها المجتمع، ووصف الكاتب فائق منيف العابثين بأنهم "ضحايا تعليم فشل في ترسيخ قيم فاضلة في المجتمع، وخطاب ديني انشغل عن تعزيز الأخلاقيات الحميدة"، وأوضحت نجود العلوي أن "ثقافة المحافظة على الأماكن العامة مطالبين فيها قبل أي مطلب للتطور الثقافي أو العمراني من الحكومة"، وقال عمران الراجحي: "هنا يتضح حجم المشكلة في التربية، حين يتربى الطفل على أن يحافظ على ما يملك، و يعتبر المرافق العامة سبيل!"، وكعادة البعض الذي لا تفوت عليه الأحداث الساخنة من دون أن يسخر منها، كتب سعيد آل عباد: "أخشى أن يكون الإيقاف كعادة بعض المشاريع الحكومية تزين لحفل الافتتاح ثم في اليوم التالي تكون كعروس صبيحة عرسها"، وقالت إحدى المغردات: "الآن فهمنا سبب بُعد نافورة جدة عن الناس". وعند تواصل "الحياة" مع "أمانة الرياض" للكشف عن أسباب توقفها لم يتجاوب المتحدث الرسمي للأمانة محمد الضبعان وأحالنا إلى زميل له من الدائرة الإعلامية صلاح الدريهم الذي أعتذر عن التصريح كونه في إجازة وغير موجود في السعودية حالياً، وبدوره أحالنا لزميله منذر الرمال الذي طلب إرسال الأسئلة عبر الفاكس أو للبريد الإلكتروني للرد غداً أو بعد غد! يذكر أن المتنزه يقع على مساحة 318 ألف متر مربع من المسطحات الخضراء وساحة للاحتفالات والعروض على مساحة 12 ألف متر مربع ومبنى للمناسبات بمساحة 1160 متراً مربعاً وبحيرة رئيسية على مساحة تزيد على 13 ألف متر مربع ومناطق لألعاب الأطفال وحديقة استكشافية تضم عدداً كبيراً من الأشجار والنباتات، بالإضافة إلى النافورة الرئيسية والتي تعد الأحدث من نوعها في المملكة حيث يصل ارتفاعها إلى أكثر من 110 أمتار ويمكن رؤيتها من جميع الأحياء المحيطة بالمتنزه ويتم تشغيلها بتقنيات عالية تضم أجهزة الليزر التفاعلية وتقنيات تغيير أشكال واتجاهات المياه المندفعة منها، بالإضافة إلى نظام للضباب الذي يحيط بجسم النافورة وشاشات تلفزيونية مائية بمقاسات تصل إلى 50 م.