بدأت أولى جلسات الحوار الوطني التونسي لإخراج البلاد من أزمتها، وقد خُصصت لبحث المسائل الإجرائية وسط أجواء مشحونة، بسبب تراجع حركة "النهضة الإسلامية" عن التزاماتها بخارطة الطريق المُكملة ل"مبادرة الرباعي" الراعي للحوار، بعد أن كان وقعها أول أمس رئيسها راشد الغنوشي. ويتألف "الرباعي" الراعي للحوار من الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومنظمة أرباب العمل، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، بينما يبلغ عدد الأحزاب التي وقعت على المبادرة 21 حزباً، أبرزها حركة "النهضة الإسلامية" التي تقود الإئتلاف الحاكم في البلاد. من جهته، اعتبر محمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي، إن "جلسة اليوم هي جلسة تمهيدية لا غير، ولن تنظر في المضمون السياسي". وأكد أن انطلاق الحوار الوطني سيكون يوم الخميس المقبل، من خلال جلسة "ستكون بداية العد التنازلي لتحديد الآجال المُحددة لتشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي لاستقالة الحكومة الحالية". إلا أن جلسة اليوم شهدت انسحاب رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر لعريض، بسبب خلاف تنظيمي حول أماكن الجلوس، فيما أرجع مراقبون ذلك إلى "الأجواء المشحونة التي رافقت هذه الجلسة بسبب الموقف الجديد، الذي تضمنه بيان مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية من مبادرة الرباعي، والذي وُصف بأنه تراجع عن الالتزامات التي تضمنتها خارطة الطريق المُكملة لمبادرة الرباعي، التي وقعها راشد الغنوشي يوم السبت الماضي". وأثار هذا الموقف الجديد لمجلس شورى حركة النهضة الإسلامية ردود فعل متباينة، إذ اعتبرته الأمينة العامة للحزب الجمهوري المُعارض مية الجريبي "غير مقبول، ورجوع بالحوار إلى نقطة الصفر". وأضافت إن "ما جاء في البيان الختامي لأعمال مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية، يُعد تنكراً لالتزام حركة النهضة، وتوقيع رئيسها راشد الغنوشي على وثيقة خارطة الطريق، باعتبار أنها ترتكز على رحيل الحكومة بعد 3 أسابيع". من جهته، اعتبر القيادي في حزب التيار الشعبي زهير حمدي، أن "بيان مجلس شورى حركة النهضة لا قيمة له بعد توقيع رئيس الحركة راشد الغنوشي على مبادرة الرباعي كتابياً، ما يؤكد التزامه قانونياً وسياسياً بما جاء في المبادرة". وسعت حركة "النهضة الإسلامية" إلى محاولة التقليل من وطأة ردود الفعل على ما ورد في بيان مجلس شورتها، إذ نفى عبد الحميد الجلاصي الذي مثلها في جلسة اليوم، أن يكون البيان المذكور "تنكر للالتزام الذي وقعه رئيس راشد الغنوشي المتعلق بقبول مبادرة المنظمات الراعية للحوار". إلا أن النائب محمود البارودي اتهم النهضة ب"ازدواجية المواقف"، وهدد في تصريحات إذاعية ب"انسحاب حزبه من أعمال الحوار الوطني في صورة، ثبوت أن هناك مناورة سياسية". وأكد مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية وزع بياناً ليل الأحد - الاثنين، فيه على "مواصلة الحكومة الحالية أعمالها حتى انتهاء المجلس الوطني التأسيسي من مهامه التأسيسية"، كما أكد على "التوافق على حكومة جديدة ملتزمة بأهداف ثورة الحرية والكرامة، وعلى الحفاظ على المجلس الوطني التأسيسي بصلاحياته كاملة إلى حين انتخاب مجلس تشريعي جديد". واعتبر مراقبون أن المواقف المذكورة، هي "تراجع ونكوص عما التزمت به حركة النهضة الإسلامية خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني".