المحاكمات التاريخية في العراق لأركان النظام السابق تدعو فعلاً للتأمل. ليس من ناحية أن هؤلاء يعيشون اليوم عكس ما كانوا عليه بالأمس، عيشة السجناء، بما فيها من إذلال ومهانة. ما يثير التعجب ليس كيف انتقل هؤلاء من الأدوار الفاعلة والمناصب الرفيعة المؤثرة، الى الحياة العادية وما دونها بل ما يدعو الى التفكر هو التساؤل كيف استطاعوا أبناء سلطة واسعة انطلاقاً من الحياة العادية التي كانوا عليها، وكيف تمكنوا من القبض على السلطة وهم كانوا أناساً عاديين؟ كيف كانت مسيرة الوصول الى المجد والطغيان والتحكم بمصائر الناس ان لم يكن ذلك إلا بأساليب العنف والأيدي الملطخة بالدماء، وبدعم مثل الدعم الأميركي لكل التيارات المعارضة والمجهضة للحركات اليسارية والقوى التي كانت متحالفة مع السوفيات أو التي تشبهها مثل الثورة التي قام بها عبدالكريم قاسم.