اكتفت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون قبيل مغادرتها القاهرة أمس، بالدعوة إلى عملية سياسية تشمل كل الأطراف، من دون أن توضح كيفية حصول ذلك في ظل تمترس طرفي الصراع في مصر خلف مواقفهما. وكانت المسؤولة الأوروبية اختتمت أمس زيارتها التي بدأتها مساء الثلثاء، بلقاء كبار أركان الحكم في مصر، لكن على ما يظهر أنها لاقت صعوبات في إيجاد صيغة لإطلاق حوار سياسي، وهو ما بدا منسجماً مع تواري الشأن الداخلي في البيانات الرسمية للزيارة خلف العلاقات الاقتصادية والدعم الأوروبي. ونفت آشتون أن يكون الغرض من زيارتها «الوساطة» بين الحكم وجماعة «الإخوان»، وإن شددت في تصريحات للصحافيين قبيل مغادرتها على ضرورة «أن تشعر كل الأطراف في مصر بإمكان مشاركتها في عملية سياسية في البلاد»، في إشارة إلى التيار الإسلامي عموماً وجماعة «الإخوان» خصوصاً. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي «لا يتدخل في شؤون مصر أو (يسعى إلى) التوسط لحل الأزمة الحالية»، لكنها لفتت إلى أنه يعمل على «تقريب وجهات النظر». وأوضحت أنها التقت مسؤولين وشخصيات من مختلف الاتجاهات «للحديث في شأن كيفية مشاركة الشعب في صياغة الدستور، إضافة إلى أهمية أن تكون العملية السياسية شاملة». وشددت على أن «الاتحاد يحترم إرادة المصريين في اختيار من يحكمهم، وما يقوم به هو من قبيل النُصح والشراكة فحسب»، مشيرة إلى أن أوروبا «شريك أساسي ويعمل عن كثب مع الحكومة المصرية لدعم اقتصادها». وقالت إن «الاتحاد لا يُصر على شيء، فهذه بلادكم، ولكننا سعداء بأن نكون شركاء للمصريين، وأن نساعدهم من خلال خبراتنا التي أثبتت أهمية أن يشمل الحوار والتواصل الجميع». وحين سُئلت عن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها الصيف المقبل، أجابت بأنها لا تعلم ما إن كان قائد الجيش الفريق عبدالفتاح السيسي يعتزم الترشح أم لا. وقالت إن «الانتخابات شأن داخلي يخص المصريين فقط». وكانت آشتون التقت صباح أمس الرئيس الموقت عدلي منصور، واكتفى بيان رئاسي بالقول إن اللقاء «عرض العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي ومناقشة تطورات المشهد السياسي الراهن في مصر ومراحل تنفيذ خريطة الطريق، وسبل دعم الاتحاد الأوروبي للعملية الديموقراطية في مصر». وأشارت آشتون في تصريحاتها للصحافيين إلى أنها ناقشت «مطولاً» مع السيسي الأوضاع الحالية في سيناء، ودانت مقتل الجنود المصريين معربة عن «قلقها» مما يحدث هناك، فيما قال بيان عسكري إن الاجتماع الذي حضره رئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي تناول «تبادل وجهات النظر في شأن الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل دعم علاقات التعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي على الأصعدة كافة». ولفت البيان إلى أنه «برز خلال اللقاء تفهم أكبر للمسؤولة الأوروبية للتحديات التي تواجهها مصر في المرحلة الحالية». بعدها اجتمعت آشتون بنائب رئيس الوزراء وزير التعاون الدولي زياد بهاء الدين الذي قدم لها، بحسب بيان رسمي، «شرحاً للخطوات التي قامت الحكومة المصرية باتخاذها لتنشيط الاقتصاد». وأوضح أن «كلا المسارين الاقتصادي والسياسي متداخل ولا يمكن تحقيق تقدم كاف في أيهما من دون الآخر». ودعا آشتون إلى «العمل على تنشيط برنامج المساعدات الأوروبية بهدف المساهمة بتحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي المُستهدف». وشرح برنامج الحكومة «لحماية المسار الديموقراطي، وما تحقق على صعيد إعادة صياغة الدستور وبناء توافق مجتمعي حول ضرورة استكمال خريطة المستقبل في شكل ديموقراطي». ونقل البيان الحكومي عن آشتون تأكيدها أن الاتحاد الأوروبي «مستمر في تقديم المساعدات لمصر»، وأنها أشارت إلى وجود عدد من الآليات والأدوات التي يمكن لها أن تسهم في برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي. وكانت آشتون التقت أيضاً خلال زيارتها الثالثة إلى مصر منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي مسؤولين في «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي في مقدمهم القياديان في «الإخوان» محمد علي بشر وعمرو دراج مساء أول من أمس. ونفى التحالف أن تكون آشتون عرضت أي مبادرات، معتبراً أن ما نشر في الإعلام «تفاصيل مختلقة». وأوضح دراج أن الاجتماع الذي عقد في أحد فنادق القاهرة «كان لتبادل وجهات النظر فقط ولم يكن لأكثر من ذلك»، مشيراً إلى أن التحالف «لبى دعوة آشتون احتراماً لها، على رغم الاعتراضات في الشارع للقبول بمثل هذه اللقاءات». وقال: «اتفقنا على أن المشكلة مصرية صميمة وأن المصريين لا يقبلون التدخل الخارجي لفرض أي حلول سياسية، وهي حريصة على مد يد العون من دون تدخل في الشأن المصري». أما نائب رئيس حزب «النور» السلفي أشرف ثابت الذي التقى آشتون أول من أمس ضمن وفد لحزبه، فنقل تأكيد المسؤولة الأوروبية أنه «سيتم الإعلان خلال أربعة أيام عن اتخاذ خطوات فعلية وإبلاغها للحكومة المصرية الحالية في شأن عودة الأموال المهربة»، مشيراً إلى أنها «تحدثت عن مساعدات بقيمة 5 بلايين دولار سيتم تقديمها إلى مصر، فضلاً عن استعادة الأموال المهربة». وشدد على «التزام حزب النور بخريطة الطريق»، مشيراً إلى أن آشتون «استمعت من الجميع إلى ضرورة البحث عن صيغة توافقية لتقريب وجهات النظر في شأن خريطة الطريق، وأن على جميع الأطراف تقديم تنازلات»، موضحاً أن «موقف آشتون اختلف تماماً الآن عما كان عليه قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة». في غضون ذلك، التقى الرئيس المصري عدلي منصور عاهل البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة الذي أكد أن المحادثات «كانت مناسبة طيبة للتعبير عن ارتياح البحرين التام لمسار العلاقات واستمرار التنسيق والتشاور إزاء ما يربط البلدين الشقيقين ودول مجلس التعاون الخليجي من مصالح وقضايا ذات اهتمام مشترك». وأكد ملك البحرين، في تصريح صحافي عقب المحادثات، أن «استقرار مصر هو استقرار للجميع، لأن مصر هي العمق الاستراتيجي للوطن العربي على مر التاريخ وستبقى كذلك»، مشيراً إلى أن «الشراكة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي مهمة جداً».