رشّح الرئيس الأميركي باراك اوباما المدعية العامة في نيويورك، لوريتا لينش، لمنصب وزيرة للعدل، ما سيجعلها أول امرأة سوداء تتولى هذا المنصب في تاريخ الولاياتالمتحدة، في خطوة ذات طابع رمزي كبير كما حصل مع سلفها اريك هولدر. كما عيّن اوباما انتوني بلينكن، نائب مستشارته لشؤون الأمن القومي سوزان رايس، مساعداً أول لوزير الخارجية جون كيري، ما يضع حداً لمعركة دارت خلف الكواليس بين البيت الابيض ووزارة الخارجية لخلافة وليام بيرنز، الديبلوماسي المخضرم الذي تقاعد. وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن بلينكن هو احد مهندسي الاستراتيجية الأميركية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، وكذلك مفاوضات الملف النووي لإيران. وأشارت الى ان بلينكن فاز بالمنصب على حساب ويندي شيرمان، كبيرة المفاوضين الأميركيين مع ايران. ويحتاج تعيين لينش وبلينكن الى مصادقة مجلس الشيوخ. وتتولى لينش (55 سنة) منذ العام 2010 منصب المدعية العامة الفيديرالية لمقاطعة شرق نيويورك، بعدما كانت شغلته بين عامي 1999 و2001 خلال عهد الرئيس السابق بيل كلينتون. ويشمل نطاق عملها القضايا الجنائية في مناطق بروكلين وستيتن آيلاند وكوينز ولونغ آيلاند. وتدخلت لينش خصوصاً في قضية ابنير لوميا، المتحدر من هايتي والذي عذبه عناصر من شرطة نيويورك في 1997. كما قادت الفريق الذي لاحق النائب الجمهوري مايكل غريم بشبهة الاحتيال الضريبي. وكان المدعي الفيديرالي العام السابق لمقاطعة شرق نيويورك، الن فينيغارد، في صحيفة «وول ستريت جورنال» اخيراً: «لينش شخصية متكتمة ومتزنة. انها ذكية فعلاً، وتتمتع بشخصية جذابة جداً، لكن تستطيع ان تكون قاسية جداً اذا اقتضى الأمر، خصوصاً في قاعة المحكمة». كذلك عملت لينش بين عامي 2002 و2007 مستشارة خاصة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا. وتعتبر لينش من المقربين من خلفها هولدر الذي حاول تهدئة التوتر العرقي الذي يهز المجتمع الأميركي، خصوصاً تظاهرات شوارع فرغسن في آب (اغسطس) الماضي، وتطهير المحكمة العليا. كما عمل جاهداً لاصلاح النظام الجزائي، عبر خفض عقوبات السجن الطويلة لمهربي المخدرات الصغار ومعظمهم من السود، وإعادة الحق في التصويت فور انتهاء عقوبة السجن، واعادة دمج السجناء في المجتمع. وقد يحاول الديموقراطيون تثبيت لينش في منصب وزير العدل قبل ان يبدأ الكونغرس الجديد بغالبيته الجمهورية مهماته في كانون الثاني (يناير) المقبل، لكن هذا الأمر غير مؤكد. ولينش ليست معروفة لدى البرلمانيين، ما قد يصب في مصلحة اوباما في مواجهة مرحلة صعبة سياسياً بعد اكتساح الجمهوريين الانتخابات النصفية. وقال رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الجمهوري تشاك غراسلي: «انتظر بفارغ الصبر التعرف الى لينش»، موضحاً ان «من النادر جداً ترقية مدعين الى هذا المنصب مباشرة». وأضاف: «آمل بأن يعيد تعيينها، بعد تأكيده، الثقة في منصب وزير العدل كصوت سياسي مستقل للشعب الأميركي». مع بدء سنتيه الأخيرتين في البيت الأبيض، يلتقي اوباما في بكين غداً نظيره الصيني شي جينبينغ ضمن جولة آسيوية تشمل ايضاً بورما وأستراليا، وتشهد حضوره قمة منتدى آسيا - المحيط الهادئ (ابيك) في بكين، وقمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في نايبيداو، وقمة مجموعة العشرين في بريزبين في استراليا. وسيسعى اوباما الى تبديد الانطباع بأن تسلسل الأزمات الدولية مع «جهاديي» تنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق وسورية، والنزاع في شرق اوكرانيا وفيروس «ايبولا» ابعدته من منطقة آسيا، على رغم ان سياسة «اعادة التوازن» او سياسة «محور آسيا» ركن أساسي في سياسته الخارجية. ويتوقع ارنست باور من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن مواجهة الرئيس الأميركي صعوبات خلال جولته، وقال: «حين ترى بلدان جنوب شرقي آسيا قدومه ستتساءل عن وضعه بعد الانتخابات، وستسعى الى رؤية ما اذا كان يملك الارادة والرأسمال السياسي لتنفيذ التزاماته». وسيتناول اوباما مع نظيره الصيني شي ملفات شائكة عدة، بينها القرصنة المعلوماتية والخلافات على الاراضي بين الصين وجيرانها في بحر الصينالجنوبي، علماً ان مستشارة اوباما لشؤون الأمن القومي رايس، ابدت «قلقها العميق لمصير المدافعين عن حقوق الانسان في الصين». ويمكن أوباما ان يعول على محادثات بناءة أكثر مع بكين حول المناخ حيث تثمر اعلان مبادرة مشتركة. كما قد تسهل نتيجة الانتخابات الاشتراعية الأميركية مهمته حول موضوع اساسي يتعلق بالمفاوضات حول الشراكة عبر الهادئ، اي اتفاق حرية التبادل مع 12 بلداً بينها الولاياتالمتحدة واليابان تمثل 40 في المئة من اجمالي الناتج العالمي، ولكن من دون الصين.