يعتقد السويسري توماس شتوكر، وهو اختصاصي في فيزياء المناخ، أن أفضل إدارة لظاهرة تغيير المناخ، تكمُن في تحديد هدف واضح. ووِفقاً لهذا الخبير المعروف، ينبغي على الإنسان أن يتكيّف مع متغيّرات المناخ التي حدثت فعليّاً. ويرأس شتوكر فريقاً من 259 عالِماً يعمل في «اللجنة الدولية للتغيّر المناخي» التي تضْطَلِع بتقويم الجوانب العِلمية للنظام المناخي لتكون أساساً في التقرير الخامس المعني بتغيير المناخ، ويعتبر أن المعركة ضد تغيرات المناخ ليست خاسرة حتى الآن، ولكن الأمور تزداد صعوبة طالما لم يجر التوصل إلى تحقيق خفض في انبعاثات غازات التلوّث المتّصلة بظاهرة الاحتباس الحراري. ويشير إلى أن خلال الأعوام الأربعة الماضية، جرى اتخاذ تدابير لاجتناب الأخطاء وجعل عملية رصد المناخ شفّافة إلى أقصى حدّ، من دون أن يعني هذا استبعاد الأخطاء، لأن الخطأ يحدث دوماً في أعمال البشر. «هناك فئة من عدم اليقين مرتبط بفهم نظام الأرض. ما مدى دقّة المحاكاة الافتراضيّة على الكومبيوتر لهطول الأمطار أو لامتصاص الحرارة في المحيطات؟ هذا يجلب معه عدم اليقين، لكن وظيفة العِلم تكمن في تحديد هذا الغموض وتقليله»، وفق كلمات شتوكر. ويشير إلى وجود حوادث مفاجِئة في المناخ، على رغم إجراء بحوث مُكثّفة، ما يجعل التوقعات صعبة جداً. ويضرب مثلاً على ذلك بما يحدث في أجزاء من القطب الجنوبي تقع تحت مستوى سطح البحر، إذ يمكن أن تتزعزع هذه الأجزاء، نتيجة ارتفاع درجة حرارة البحر وارتفاع مستوياته، من دون إمكان التوقّع الدقيق لوقت حدوث هذه الزعزعة. ويضرب شتوكر مثلاً آخر بعدم التيقّن من ردّ فعل الغابات المطيرة في المناطق الاستوائية، إذا حصل تبدّل في مواسم هطول الأمطار. تطوّر بحوث المناخ تناول شتوكر في أحاديث مطوّلة إلى الإعلام الدولي في مناسبة صدور التقرير الجديد للجنة الدوليّة للمناخ، عن حدوث تطوّرات رئيسة في بحوث المناخ، على غرار مشاركة الأقمار الاصطناعيّة في نُظُم رصد المناخ، عبر قياسها مِقدار الذّوبان في جزيرة «غرينلاند» والقطب الجنوبي. ولم يكن الأمر ممكناً قبل سبْع سنوات. ويوضح شتوكر أن هذه القياسات تُتيح الآن، رسم صورة متناسقة عن الارتفاع في مستوى المسطّحات المائيّة، وعلاقتها مع انحسار الأنهار الجليدية عالميّاً، وارتفاع درجة حرارة مِياه المحيطات، إضافة إلى ذَوَبان الجليد في «غرينلاند» والقارة القُطبية الجنوبية. وكذلك تحدّث شتوكر عن تقدّم آخر يتمثل في تحسّن نماذج المحاكاة الافتراضية بالكومبيوتر التي أصبحت أكثر دقّة. ويستدرك بأن الوضع الراهن لم يصل إلى نقطة تتيح التنبّؤ مُسبَقاً بالتغيّر في درجات الحرارة ومناطق الهطول وحدوث ظواهر جوّية متطرفة كالأعاصير. وبصورة عامّة، يشدّد شتوكر على أهمية التواصل بين الناس والاختصاصيين في شؤون المناخ، إذ يوضح أن خيارات الناس في حياتهم اليومية تؤدي دوراً حاسماً في متغيّرات المناخ. وينبّه إلى أن وضع المناخ خلال الخمسين عاماً المقبلة (بل ربما خلال القرن المقبل) يعتمد على نشاطات البشر اليومية. ويلفت إلى أن هذه النشاطات هي التي تؤثّر في مسار الارتفاع في درجات الحرارة، ومدى الارتفاع في الرطوبة أو الجفاف، ومقدار الزيادة في الظواهر الجوية المتطرّفة، ومدى ارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها. بقول آخر، يعتقد شتوكر جازماً بأن الخيارات اليومية للفرد العادي هي التي تحدّد مقدار انبعاث غازات التلوّث المُسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري.