شهر مرّ على حريق الجهراء في الكويت، الذي ذهبت ضحيته عشرات النساء، مخلفات وراءهن مئات اليتامى، وإذا كان وقع المصيبة يشغل الناس في أوانها ثم يكون مآلها النسيان، فإنها ليست كذلك بالنسبة لمن ذاق ويلاتها، فآثارها ترافق الضحايا لفترات طويلة، والأطفال هم الضحية الأكبر، خصوصاً أن غالبيتهم لا يستوعب «حقيقة الموت»، ليظلوا في انتظار عودة أحبائهم. فقد أحمد الشمري (7 أعوام) والدته في الفاجعة التي حلت بأهاله في منطقة الجهراء أكبر مناطق الكويت، ولا يزال يعيش حالاً نفسية لم يستطع أقرب الناس إليه بعد والدته إخراجه منها، فهو مصمم على ألا يخرج من غرفة والدته حتى اليوم، وينام على سريرها، معتقداً أنها ستعود يوماً ما، وعلى رغم أن والده وأعمامه حاولوا إقناعه بشتى الطرق أن والدته توفيت وأنها لن ترجع أبداً، «وأن الله من أخذها لأنه يحبها»، إلا أنه يقاطعهم في كل مرة ببراءة قائلاً: «إن الله يحبنا وسيأخذنا إليها قريباً». لا يملك الوالد المكلوم كلما وقعت عيناه على عيني ابنه إلا أن يهرب بنظراته خوفاً من ذرف الدموع أمامه، ويقول والده: «لا يزال أحمد يرفض الخروج من غرفة والدته التي قضت في حريق الجهراء، ويرفض أن يشاركه أحد سريرها على أمل عودتها»، مشيراً إلى أن حال ابنه تحتاج إلى طبيب نفسي لإعادته إلى طبيعته بعد الصدمة العنيفة التي لم يستوعبها إلى الآن، لاسيما أنه أصغر أبنائه. وبصوت متهدج يصف حال الحنين التي تصيب ابنه تجاه والدته، «يُبكي أحمد جميع أفراد الأسرة، وكل من يسمع بقصته»، ويعجز عن منع مقلتيه من إنزال دمعتين، فيقول: «لا يمكنني أن أتحمل منظر أحمد وهو يتأمل ملابس والدته ويشم رائحتها». وكانت امرأة أشعلت النار في خيمة أفراح نسائية في محافظة الجهراء في الكويت ما تسبب بوفاة نحو 50 امرأة وطفلاً وإصابة نحو 100 آخرين بحروق متفاوتة، واعترفت المرأة أمام النيابة العامة الكويتية بارتكابها الجريمة من خلال إشعال النيران بخيمة العرس بواسطة البنزين انتقاماً من أهل زوجها الذي كان من المقرر أن يتزوج ليلتها من امرأة ثانية. يذكر أن من بين المصابين في الحادثة 12 مواطنة سعودية وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بنقلهن بطائرات الإخلاء الطبي لعلاجهن في المستشفيات السعودية.