شدد إمام وخطيب المسجد الحرام سعود الشريم، على أهمية الأمن الفكري للمجتمع، وقال في خطبة الجمعة أمس: «إن خير ما يتوج به حفظ الأمن الفكري عنصران رئيسان، أولهما الأمن التعليمي، وثانيهما الأمن الإعلامي، «مشيراً إلى أنه كما للأموال لصوص، فكذلك للعقول لصوص، بل إن لصوص العقول أشد فتكاً». وأوضح الشريم في مستهل خطبته، أن من يتلاعبون بأمن المجتمع المسلم، إنما يقطعون شرايين الحياة، مشيراً إلى أن «الأمن مطلب الأمم، فلا يزهد فيه إلا من كره الحياة الكريمة ولم يرض بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، كيف لا وهو المنة التي توجب على العباد شكر واهبها بعبادته على الوجه الذي يرضى به عنهم، وأن لقمة يطعمها المرء لن يهنأ بها تحت وكزات الخوف والفَرَق، وأن عبادة تناوشها الخوف من كل جانب لن تكون كاملة مستقرة، فما سميت صلاة الخوف بذلك ولا نقصت صفتها وعددها وشروطها وسننها، إلا لداخلة الخوف وانسلاخ الأمن، وإنه لا أمن بلا إيمان ولا نماء بلا أمن وضمانات واقعية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية». وأضاف: «الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، لا تقبل المزايدة ولا ليّ الذراع، بل إن الأمن حد لا يحتمل التأويل ولا الفهم الخاطئ ولا الإهمال، فالأمن ضرورة لا تتحقق إلا بتحقق حفظ الضرورات الخمس التي أجمعت عليها الديانات والملل، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، مبيناً أن من يخل بالأمن كالذي يخرق سفينة المجتمع الماخرة، وما على أهل السفينة إلا أن يقذفوا به خارجها كي لا تغرق بهم جميعاً، وأن المساومة على أمن المجتمع لا تقع إلا ضمن نسيج من الأعداء المتربصين به وإن استعملوا في نفاذ اختلاله الأغرار من أبنائه والأجراء ممن لديهم مسكة عقل، إن من يهز أمن المجتمع إنما يهز أمن نفسه قبل كل شيء، ثم أمن أمه وأبيه وأخته وأخيه وصاحبته وبنيه قبل أن يهز أمن المجتمع برمته، كل ذلكم قد يكون من خلال إلحاد فكري يعصف بالدين، أو سفك دم يعصف بالرقاب المعصومة، أو بجرعة مخدر أو شربة مسكر يغيبان العقل». وشدد الشريم على أنه ينبغي علينا جميعاً معرفة شمولية مفهوم الأمن، وأنه يشمل مراكز القوى في المجتمع المسلم الواحد وعلى رأسها الأمن الديني، وذلك بالاستسلام لله بالدين، والعمل على تحقيق ما يرضيه بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألّا يعبد الله إلا بما شرع، لأن الله جل وعلا قال: «فَلْيَحْذرِ الّذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصيبَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ» ، فما حلت الفتن بمجتمع مسلم إلا وثمة خلل في علاقتهم مع ربهم بذنوب ارتكبوها أو واجبات تهاونوا فيها، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. وأبان أن من مراكز الأمن الشمولي، الأمن الغذائي وما يسمى بالأمن الصحي الوقائي، إضافة إلى ما يتعلق بالضوابط الأمنية في مجالات التكافل الاجتماعي والعمل التطوعي وتهيئة فرص العمل والإنتاج المعيشي، والقضاء على البطالة والخلل والفوضى، ودراسة الظواهر الأسرية وما يعتريها من ثقوب في بنائها، لأن الأمن بين الزوجين سبب لأمن الأولاد ثم أمن العشيرة ثم أمن الأمة المؤلفة منهم جميعاً، وأنه من مثل ذلك الأمن يتكون مزاج الأمة، شريطة عدم إغفال ما هو أهم من تلك العوامل، والذي يعد هاجساً ملحاً لكل مجتمع، ألا وهو الأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات ويحفظها جميعاً من الوقوع في الفوضى الفكرية. ورأى أن خير ما يتوج به حفظ الأمن الفكري عنصران رئيسان، أولهما الفكر التعليمي، وثانيهما الأمن الإعلامي.