تعرضت المنتجعات السياحية المصرية على البحر الأحمر لضربة موجعة حين نصحت حكومات أوروبية مواطنيها بعدم السفر إلى مصر لقضاء العطلات بسبب أعمال العنف التي اندلعت في تموز (يوليو) وآب (أغسطس). ودفع التحذير بعض شركات السياحة الأجنبية إلى وقف رحلاتها إلى مصر، ما وأد انتعاشاً موقتاً لقطاع كان يساهم بنحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير). وهوى دخل مصر من السياحة إلى 1.67 بليون دولار في الربع الثاني من العام بانخفاض 663 مليون دولار عن الفترة ذاتها من العام الماضي وفق بيانات المصرف المركزي. فنادق فارغة وعلى رغم بقاء المقاصد السياحية على البحر الأحمر بمنأى عن أعمال العنف والاحتجاجات التي تشهدها القاهرة بخاصة ومدن أخرى، فإن تحذير الدول الغربية من السفر إلى مصر أدت إلى تهاوي أعداد السياح. وتظهر بيانات شركة «إس تي آر غلوبال» لبحوث الفنادق أن معدل الإشغال في منتجعات البحر الأحمر تأثر بشدة في آب (أغسطس) نتيجة حظر السفر وهبط إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات. ولم يشغل الزائرون سوى 48.8 في المئة من غرف الفنادق في آب مقارنة ب 65.2 في المئة في الشهر ذاته من العام الماضي ومع 74.8 في المئة في آب 2010 وفقاً للشركة. وفي الغردقة، التي تضم 166 فندقاً، هوت نسبة الإشغال إلى نحو 20 في المئة. ووفقاً للعضو المنتدب لشركة «سيلفيا تورز» لكريم محسن، أغلقت 50 في المئة من فنادق الغردقة أبوابها لعدم وجود سياح أجانب. وينتقد محسن تحذير الدول الغربية لرعاياها من السفر لمصر قائلاً «لا يوجد سبب لفرض دول العالم حظر سفر على مصر. الحظر يعاقب الشعب المصري كله». وقال محافظ البحر الأحمر أحمد عبدالله «لدينا أكثر من 50 ألف غرفة فندقية بالغردقة ونسب الإشغال الحالية نحو 11 ألفاً فقط، الهدف الآن هو إشغال بقية الغرف بالكامل». لكن حال الفنادق هناك يظل أفضل منه في القاهرة وفي الأقصر وأسوان في جنوب مصر. ففي فندق «ونتر بالاس» ستة نزلاء من أصل 200 غرفة بينما فرغ معبد الكرنك من السياح. وأشار مرشد سياحي في معبد رمسيس الثاني إلى أن إي حافلة سياح لم تصل منذ ثلاثة أشهر. ولفت رئيس الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة ناصر حمدي إلى أن نسب إشغال الفنادق في الغردقة وشرم الشيخ تبلغ نحو 20 في المئة مقارنة بما بين خمسة وستة في المئة في القاهرة وبين واحد واثنين في المئة في الأقصر وأسوان. ولا تقف المعاناة عند الفنادق بل تمتد إلى قطاعات أخرى تعيش على السياحة مثل البازارات. ويقول جمال حسين الذي يعمل في بازار سياحي «بالتأكيد تأثرنا بشدة، ندفع إيجارات وعندنا مسؤوليات. هناك أيام لا نبيع فيها بجنيه واحد». وتكشف جولة سريعة في بعض فنادق الغردقة أن معظم السياح من بريطانيا التي استثنت منتجعات البحر الأحمر من تحذيرها لرعاياها من السفر لمصر. أول الغيث ويبدو أن الزيارات التي يجريها وزير السياحة المصري هشام زعزوع بدأت تؤتي بعض الثمار. فقال محافظ البحر الأحمر إن «أعضاء وفد روسي زاروا الغردقة الأسبوع الماضي للتعرف على الوضع وأبلغوه أنهم تأكدوا من أن الأمور طبيعية في الغردقة وأن تسيير الزيارات سيبدأ من روسيا خلال هذا الأسبوع». وبدا متفائلاً وهو يقول «سنصل إلى نسب إشغال تامة في تشرين الأول (أكتوبر) مع أجازة عيد الأضحى وعودة السياحة الروسية والألمانية». وأعلنت وزارة السياحة المصرية هذا الأسبوع إن هولندا وبلجيكا والسويد وجمهورية التشيك قررت رفع حظر السفر. ويشير بعض العاملين في السياحة إلى أن التغطية الإعلامية لأعمال العنف مسؤولة جزئياً عن الإضرار بالصناعة بخاصة أن التحذير الغربي من السفر لمصر جاء بعد مشاهد القتل التي نقلتها قنوات التلفزيون في منتصف آب. وألقى محافظ الغردقة باللوم على الإعلام قائلاً «الفضائيات الأجنبية تنقل صورة غير حقيقية عن الأوضاع في مصر.» ويبدو أن الحكومة فطنت إلى تأثير صورة مصر في وسائل الإعلام على صناعة السياحة وأهمية محو صورة «الإرهاب» التي تبث الذعر في نفوس السياح وتدفعهم للفرار. وقال رئيس الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة، ناصر حمدي، «إن الهيئة أعدّت أفلاماً ترويجية عن السياحة في مصر للأسواق العربية والأوروبية والروسية وستنشر إعلانات في وسائل الإعلام ووسائل المواصلات الأجنبية لتشجيع السياحة في مصر». وعلى صعيد السياحة الداخلية أطلقت الحكومة المصرية برامج ترويجية لتشجيع المصريين على السفر لقضاء العطلات بأسعار مخفضة. القلق والترقب لما يحمله الغد كانا السمة الرئيسية لمعظم العاملين في قطاع السياحة لكن التفاؤل ظل حاضراً. في هذا المجال قال نائب المدير العام لفندق «صن رايز هوليدايز» في الغردقة ايمن أيمن السيد «على رغم ما حدث يمكننا أن نعود من جديد وأن ننشط السياحة مرة أخرى. لدينا مقومات مهمة لا توجد في دول أخرى».