في وقت يستمر رؤساء الوفود في إلقاء كلماتهم من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتجه الأنظار في نيويورك اليوم إلى اجتماع بالغ الأهمية يُعقد هناك بين وزراء خارجية الدول الست الكبرى (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) ونظيرهم الإيراني محمد جواد ظريف، اذ سيختبر الطرفان النيات الديبلوماسية لحل أزمة الملف النووي الإيراني، وماهية التنازلات التي يمكن أن تقدمها طهران الساعية إلى رفع العقوبات عن كاهل اقتصادها. وأفادت مصادر إيرانية مطلعة بأن ظريف سيعيد، خلال لقائه نظراءه في الدول الست، تأكيد ما أبلغه للمنسقة الأوروبية للشؤون الخارجية كاثرين آشتون خلال اجتماعهما في نيويورك الإثنين، أي رغبة بلاده في تغيير قواعد اللعبة وعقد الاجتماعات علي مستوي وزراء الخارجية لطيّ هذا الملف وإعادته إلى أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مجلس الأمن حيث فُرضت عقوبات على بلاده. وذكرت المصادر ذاتها أن الجانب الإيراني يعوّل على سياسة «خطوة خطوة» التي اقترحها الروس لحل الأزمة، وهي تبدأ بإعلان إيران استعدادها لوقف التخصيب العالي لليورانيوم (20 درجة) في مقابل إعادة ملفها إلى الوكالة ورفع جزء من العقوبات، على أن تُعدّ بعد ذلك ترتيبات جديدة تتيح لمفتشي الوكالة دخول مواقع كانت محظورة عليهم ويُشتبه في أنها كانت منشآت لتخصيب ذي طابع عسكري، على أن يلي اتفاق فتح المنشآت الإيرانية أمام التفتيش، رفع ما تبقى من العقوبات. وكان الرئيس حسن روحاني أكد في الخطاب الذي ألقاه أول من أمس، أمام الجمعية العامة بعد ساعات على خطاب نظيره الأميركي باراك أوباما أن إيران لا تشكل «أبداً تهديدا للعالم أو لمنطقتها»، داعياً أوباما إلى تجاهل الدعوات إلى الحرب وإعطاء الأولوية للتفاوض. وأضاف: «الجمهورية الإسلامية ستتحرك في شكل مسؤول في ما يتعلق بالأمن الإقليمي والدولي». وندد بشدة بالعقوبات المفروضة على بلاده. وأبدى روحاني استعداد إيران «للتعاون في شكل ثنائي ومتعدد الطرف مع الأفرقاء الآخرين»، مكرراً أن بلاده تنوي استخدام الطاقة النووية «لأغراض سلمية فقط». وبينما كان العالم يترقب مصافحة أو لقاءً تاريخياً بين أوباما وروحاني في نيويورك، أكد مسؤول بارز في الإدارة الأميركية أن فريق روحاني تجاهل اقتراحاً لترتيب لقاء بين الرئيسين على هامش الجمعية العامة الثلثاء. وأبلغت مصادر إيرانية مطلعة «الحياة» أن ترتيبات الوفد الإيراني في نيويورك كانت تسير في اتجاه حصول اللقاء بعد كلمة روحاني، إلا أن الوفد استلم رسالةً من طهران في اللحظات الأخيرة تقترح عدم جدوي اللقاء الآن، ما دعا الإيرانيين إلي التصريح بوجود تعقيدات داخلية تحول دون حصول اللقاء، في حين قال روحاني في حديث إلى شبكة «سي أن أن»، إن الوقت لم يكن كافياً لتنسيق ترتيبات اللقاء، من دون أن يستبعده مستقبلاً. إلى ذلك، التقى الرئيس الإيراني نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند على هامش أعمال الجمعية العامة. ووصف مسؤول رفيع المستوى في الرئاسة الفرنسية اللقاء بأنه «كان منفتحاً في الشكل والكلمات التي استُخدمت. والحوار الذي أطلقه روحاني يظهر رغبةً في تأكيد عدم وجود نية لدى طهران لتطوير سلاح نووي، لكن الواقع يشير إلى أنه ما زالت هناك مراحل ينبغي أن تقطعها إيران لتنفيذ التزامتها». ورأى هولاند خلال اللقاء أنه يجب انتظار أجوبة إيران عن مطالبة الأسرة الدولية لها بالشفافية وتخليها عن تخصيب اليورانيوم ليتم التحقق مما لديها. واعتبر أن الشفافية تقتضي فتح كل المواقع النووية الإيرانية أمام المجتمع الدولي كي تُبنى الثقة.