شن مقاتلو المعارضة السورية هجوماً جديداً في الضواحي الاستراتيجية الجنوبية الغربية لدمشق بهدف «كسر حصار» قوات الرئيس بشار الأسد لمناطق تسيطر عليها المعارضة، في وقت أُعلن عن مقتل مسؤوليْن عسكرييْن من الجيش النظامي في شمال دمشق بينهم «أسد القابون» الذي كان يدير العمليات العسكرية للنظام في الطرف الشمالي للعاصمة. وقال نشطاء ومقاتلون إن مقاتلي المعارضة أطلقوا قذائف هاون على القوات الحكومية، بينما قصف الجيش السوري ضاحية داريا التي ينشب فيها القتال من حين لآخر مع إعلان قوات النظام السيطرة عليها أكثر من مرة. وكان مقاتلو المعارضة تحصنوا حول عدد من الضواحي المحيطة بالعاصمة منذ نحو عام ونصف العام، لكن قوات الأسد أوقفت تقدمهم واستعادت العديد من المناطق الاستراتيجية التي حُوصرت فعلياً في الوقت الحالي. وصدت القوات الجوية والبرية للأسد حتى الآن هجمات مقاتلي المعارضة بعدما قطعت طرق إمدادها الرئيسية في الضواحي في وقت سابق من العام الحالي. وانحسر القتال في دمشق عندما هددت الولاياتالمتحدة بشن عمل عسكري عقابي ضد الأسد بعد هجوم بالسلاح الكيماوي على الغوطتين الغربية والشرقية لدمشق في 21 الشهر الماضي، لكن القتال تصاعد مجدداً بعد تسوية ديبلوماسية يتخلى الأسد بموجبها عن أسلحته الكيماوية، ما أبعد التهديد الفوري بشن ضربة عسكرية. ووحد الهجوم الجديد لمقاتلي المعارضة الذي أطلق عليه مسمى «وإن عدتم عدنا» فصائل عديدة تنشط في المنطقة، من بينها «جبهة النصرة»، وقال فصيل «أحرار الشام» الإسلامي إنه يقوم بدور كبير إلى جانب «كتائب الصحابة»، وهي وحدة قوية لمقاتلي المعارضة مقرها دمشق. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن «اشتباكات عنيفة دارت مع القوات النظامية في محيط الفرقة السابعة قرب بلدة خان الشيخ وسط استهداف الكتائب المقاتلة اللواء 88 بقذائف الهاون، وسيطرتها على تل ركيس وتل بوزة اللذين تتمركز فيها القوات النظامية وإعطاب عربتين ناقلتين للجنود ووقوع خسائر في صفوف القوات النظامية». وقال قائد في «كتائب الصحابة» إن العملية تهدف إلى تخفيف «حصار خانق» يحرم سكان منطقتي داريا والمعضمية جنوب غربي العاصمة من الغذاء والدواء والسلاح. وزاد القائد الذي اكتفى بتعريف نفسه باسم «أبو معاذ»، أن «هناك نقصاً كبيراً في الإمدادات الإنسانية والطبية»، مضيفاً أن العملية بدأت مساء أول من أمس. وأضاف: «الوضع سيء للغاية. لا غذاء ولا ماء. كان التحرك العسكري ضرورياً». وستكون الضواحي الجنوبية هدفاً صعباً لمقاتلي المعارضة السورية لأنها تضم العديد من المواقع العسكرية الرئيسية من بينها مطار المزة العسكري وقاعدة لقوات الحرس الجمهوري. وقال ناشط في دمشق عرف نفسه باسم محمد، إن من غير المرجح أن يجني مقاتلو المعارضة مكاسب من هذا الهجوم، مضيفاً: «أفضل قوات النظام موجودة هناك. نحن على الأرض نرى في ذلك عملية استعراضية من الجيش الحر، خصوصاً في التعاون مع أحرار الشام والنصرة. إنها حرب استنزاف حيث لا منتصر ولا مهزوم». ومعضمية الشام من المناطق التي استهدفها الهجوم الكيماوي. وكان المجلس المحلي ناشد المجتمع الدولي «الضغط على نظام الأسد لكسر الحصار الخانق والمطبق المفروض على المدنيين منذ عشرة أشهر، والعمل بشكل عاجل لإدخال قوافل المساعدات الإنسانية لإنقاذ من تبقى من أهالي المدينة وأطفالها بعد أن تم تسجيل وتوثيق حالات وفاة عديدة بين المدنيين والأطفال بسبب نقص التغذية وسوء الرعاية الطبية»، لافتاً إلى وجود 12 ألف نسمة بينهم حوالى 2900 طفل وأكثر من 3 آلاف من النساء والمسنين وحوالى 950 مصاباً بحاجة إلى الرعاية الطبية. وفي الطرف الشمالي لدمشق، واصلت قوات النظام محاولتها السيطرة على حي برزة البلدة، حيث دارت اشتباكات تحت غطاء من القصف الجوي شمل حي القابون المجاور. وأعلن «الجيش الحر» عن قتل العقيد الركن عمار أحمد شريفي في حي برزة في مكمن استهدف عربة مدرعة امس. وشريفي من مرتبات الحرس الجمهوري وجرى تعيينه قبل أسبوع قائداً للحملة على برزة. وأكد ناشطون مقتل العقيد راتب عيوش الملقب ب «أسد القابون» وكان أحد أبرز ضباط الحملة على حي القابون. وفي جنوب العاصمة، قُتل سبعة أشخاص على الأقل وجُرح 15 آخرون في تفجير سيارة مفخخة في حي التضامن، وفق ما افاد «المرصد»، الذي قال إن التفجير حصل «في منطقة خاضعة لسيطرة النظام». وكانت المنطقة شهدت قبل يومين زيارة للأمين العام المساعد لحزب «البعث» هلال هلال ومحافظ دمشق بشر صبان. ويقع حي التضامن على الأطراف الجنوبيةلدمشق على مقربة من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وغالبية سكانه نازحون من هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل أجزاء واسعة منها. ويشهد الحي الواقع في غالبيته تحت سيطرة المقاتلين المعارضين، اشتباكات يومية. وفي شمال شرقي البلاد، سيطر مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الكردي في شكل كامل على قرية جافا في ريف مدينة رأس العين في الحسكة، عقب اشتباكات وصفت بالعنيفة مع مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و «جبهة النصرة» اندلعت بعد حصار استمر أياماً. كما تمكن مقاتلو «وحدات الحماية» من السيطرة على تل قرب جافا واستولوا على عدد من السيارات محملة برشاشات ثقيلة وعلى أسلحة خفيفة. وقُتل ثلاثة مواطنين بقصف قوات النظام للحي الشمالي في مدينة معرة النعمان في شمال غربي سورية.