من مجموعاته الشعرية الثلاثة: «قمر يابس يعتني بحياتي» (دار الجديد - بيروت) و»صيف يوناني» (دار ميريت- القاهرة) و»تُرسلين سكيناً يُرسل خنجراً» (دار شرقيات، القاهرة)، انتقت الدار البلجيكية «لو تايي بريه» قصائد للشاعر السوري صالح دياب وأصدرتها في كتاب ثنائي اللغة (عربي- فرنسي) بعنوان «زرتُ حياتي». وتولّى الترجمة كلّ من الشاعرة أنّي سالاجيه والكاتب لورانس كوسيرا والشاعر نفسه. ومع أنّ الشاعر باللغة العربية لم يجِد الفرنسية إلا بعد لجوئه إلى فرنسا قبل أعوام حتى أنه نال شهادة الدكتورة من إحدى الجامعات الفرنسية، يبقى للشعر الغربي المُترجم تأثيره الواضح في قصائده من بودلير إلى غييوفيك، عطفاً على القصائد الصينية واليابانية. وهذا الانفتاح الشعري على الآخر ساعده في تقديم لغة جديدة ومتحرّرة من الصور التقليدية في الشعرية العربية. وفي مقدّمة الكتاب، يقول كوسيرا إنّ قصيدة صالح دياب واضحة، لكنّها ليست بسيطة على الإطلاق. بل هي تتجاوز الأفكار لتتوغّل في الحياة، حتى تبدو القصيدة كأنها جزء من حياة الشاعر نفسها، عشقه، عذابه، منفاه. ومن عنوان هذا الديوان «زرتُ حياتي»، يلمس القارئ تلك الثنائية التي يعيشها الشاعر، فيغدو هو الضيف الذي يزور حياته ليطلع عليها من الخارج. فالقصائد التي تدور في العالم الذاتي للشاعر تبتعد في أحيان غير قليلة عن الذاتية لتطاول الحياة الإنسانية العامة بكلّ تناقضاتها. ويؤكّد لورانس كوسيرا في مقدّمته أهمية الموسيقى الداخلية للقصائد، وتلك الموسيقى تتجلّى تحديداً في القصائد التي تتخّذ من موضوعة الحبّ محوراً لها. واللافت في قصائد دياب رصدها للحظات العابرة باعتبارها أساساً في اشتعال المشاعر وتأججها. وبالرغم من رصد نظرات العيون في قصائده، لا يطرح صالح دياب مسألة الحبّ كقضية نظرات أو رسالات مبطنة تُرسلها عيون العاشقين، بل إنّ الحبّ هو مسألة صوت، بمعنى أنّه لا يُمكن أن يكتمل إلاّ في صرخة الحبيب وإعلانه الصريح لغوياً لما يدور في قلبه من مشاعر حبّ ولهفة: «أنظر إلى صوتك، يصفر من بعيد، كيلا تعود الظلمة لتُغطّي النعاس». ويبقى الحب في حياة دياب هو الدافع الأساسي للكتابة والوسيلة التي يصل من خلالها الشاعر إلى ذروته الشعرية واللغوية. أمّا صوت المحبوبة فهي التي تُعيد إحياء الكاتب وتبثّ فيه الروح من جديد. ومن قصائد هذه المجموعة: «أنحدر/ من شارع بيتكم/ وأنا أتساقط/ ياسمينة إثر ياسمينة/ لن يخلصني نيسان/ من تبعات الفضّة/ لن تهمس سماء/ نجمة/ في مساء يدي/ عندما غيابي/ يرفع جسراً/ عندما الألم الحامض/ لروحي».